Tuesday, April 29, 2008

فقّاعه من حجر !!






لا أنكر أنّى شعرت بالذهول أمام التغطيه المكثّفه التى نالتها قرارات "أشرف زكى" نقيب الممثلين و المتعلّقه بمشاركة فنّانين عرب فى أعمال فنيّه مصريه !!كلّما فتحت جريده أجد الموضوع محلاّ للنقاش و النقد و التعليق و التعليق المضاد .. بل و استدعى الأمر فى بعض الأحيان الحديث عن تاريخ "مصر" و دورها تجاه أشقائها العرب إلى آخر هذه الهلاوس .. كلّما انتقلت لبرنامج حوارى "توك شو" يفترض به مناقشة مشاكل الناس و اهتماماتهم و همومهم الحقيقيه أجد الموضوع على رأس الموضوعات المطروحه مع استضافة النقيب أو التحاور معه تليفونيا كأضعف الإيمان !!

و بصراحه لا ادرى ما هى الأهميّه الفذّه لهذا الموضوع سواء اتّفقنا مع هذه القرارات أو لم نتّفق !! لم أفهم لماذا أفردت له الصفحات و الساعات لنقاشات لن تثمر و لن تغنى من جوع !! وما هو الأهميّه التى يوليها المواطن العادى لكون "دوللى شاهين" ستطلّ عليه مرّه أو أكثر خلال العام فى الأفلام المصريه

وقت الإعلان عن هذه القرارات تخيّلت أن الأمر سيأخذ وقته و ينتهى .. مثله مثل أى فقّاعه تكبر إلى حين ثم تنفجر إلى لا شئ !! ولا تحتاج منّا سوى لنفخه صغيره و ربّما أقل كى تتلاشى بلا أى أثر !! لكن هذا الموضوع الذى يشابه الفقّاعه فى حجم أهميّته النسبيه صار مثل فقّاعه من الحجر !! تكبر بلا أى داعى مع ما يبدو من عدم نيّه أو عدم رغبه و ربّما عدم قدره على فرقعتها و إنهائها بسهوله ..

ملحوظه : ثلاث تدوينات فى يوم واحد أمر غريب طبعا زمانكم بتقولوا إيه العالم المحدثه دى :) بس أصلى هاطلع إجازه قصيره و قلت أخلّص كل الكلام قبل ما أطلعها

أهرام أخبار جمهوريه

كحاله خاصّه من الكشك يمثّل كشك الجرائد بالنسبة لى قوّة جذب لا تقاوم ..لا أستطيع أن أمر بجوار أحدهم دون توقّف و إن تعذّر التوقّف فلا أقل من نظرة شوق و فضول و تطلّع ..

مدرستى الأولى كانت فى "الزمالك" .. على ناصية الشارع بائع للجرائد و بعده بمترات قليله جدّا هذا المربّع الذى يقف على رأسين من رؤوسه الأربعه بائعان للورود و ثلاثه للجرائد !! ربّما جاء عشقى للوقوف عند باعة الجرائد من هؤلاء الذين اعتدت زيارتهم زمان أيّام الدراسه ..

كنت أشعر بغبطه شديده لهم تقارب الحسد فى أحيان كثيره لأنّهم قادرون على قراءة كل هذه الجرائد "هكذا تصوّرت وقتها" و حتى وقت قريب جدّا كان حلمى الخاص بامتلاك كشك للجرائد و ترك العمل هو تصوّرى الاوحد عن مشروعى الخاص !!كنت بالأمس أتحدّث مع صديق زار "أمريكا" مؤخّرا و أتى على ذكر منافذ بيع الجرائد التى تضع بها النقود لتظهر نسختك من الجريده اتوماتيكيا دون الحاجه لبائع و وجدتنى لا أطرب كثيرا لتخيّل الصوره !! بائع الجرائد الذى تسأله عن الجريده فيمد يده و ينتقى لك نسخه غير تلك التى تظهر على السطح فتأخذها لتلوّث الأحبار يديك هو الصوره المثلى بالنسبة لى :) الجرائد برائحة أحبارها الطازجه لا تتواجد سوى أسفل حجر ثقيل يمنعها من أن تطير فى الهواء وليس فى منافذ بيع تقف وحيده !!

كنت أنبهر زمان بفكرة شراء جريدة اليوم التالى اليوم !! كنت اتصوّر أن الجريده "تولد" فى اليوم الذى يشير إليه التاريخ المكتوب عليها !! فكرة شراء الجريده مقدّما فى آخر الليل كانت -ولازالت- تطربنى جدّا !! اشتريت عدد اليوم من جريدتى المفضّله أمس فى الحاديه عشره مساء وشعور غريب بالنشوه يملأنى و كأنّى سأطّلع على أسرار العالم قبل الغالبيه العظمى من سكّانه !! :) و برغم تراجع كميّة المحتوى فيما أقرؤه من الجرائد التى أتابعها أظنّنى سأظل أستمتع بنفس السعاده مع الوقوف لدى بائعى الجرائد و البحث وسط كنوزهم عمّا يغرى بالشراء .. وهو كثير :)

فى الكشك

أذهب إلى كشك مجاور لمكان عملى فينتابنى شعور شديد بالنهم للشراء !! أريد أن أشترى أشياء كثيره ربّما لا أنظر إليها لو شاهدتها فى سوبر ماركت كبير. فى السوبر ماركت -خاصة لو كبر حجمه- أشعر بالعجز الشديد و فقدان القدره على تقرير ما أحتاجه .. يصيبنى ما يشبه الدوار لكثرة المعروض و الصوره المبهره التى تبدو عليها كل المعروضات .. وفى النهايه قد أخرج دون قدره على تحديد ما يمكن شراؤه حقّا ..

فى الكشك أشعر بسعاده غريبه وأنا أتطلّع لكراتين الشيبسى بمختلف أنواعه و ثلاّجة العصير و الأخرى الخاصه بالمشروبات الغازيه .. أسعد بالبحث فى الزجاجات الفاتره عن واحده بارده حقّا !! فى الكشك تجد تقريبا كل ما تحتاجه من بواكى الشاى الصغيره الى عبوات النسكافيه تلاته فى واحد إلى حجر البطّاريه القلم !! أجدها مغريه جدّا العلب الصغيره المتعدّده التى تملأ الفراغ فى مقدّمة الكشك و تمتلئ بالبسكوتات و المصاّصات و اللبان رغم أنّى لا أحب اللبان أصلا !! أشعر بالفضول إزاء المنتجات الحديثه المستجدّه و أرغب فى السؤال عن كنهها !! تنفتح نفسى لشراء كل الاشياء و وضعها فى كيس بلاستيك ثمّ ربّما عدم تناول شئ منها فيما بعد فيما يشبه البوليميا الشرائيه !! هل هذه عقده من عقد الطفوله !! هل فى هذا انعكاس لحرمان معيّن قاسيته فى طفولتى جعل الأكشاك تمثّل هذه الجاذبيه الطاغيه بالنسبة لى !! لا أعرف :)

أبتسم و أتذكّر شعورى القديم تجاه الأكشاك التى يوجد بها تليفون فى وقت لم تتوافر فيه تليفونات المنازل كما هو حادث الآن !! ويا سلام لو كان تليفون أحمر و ليس الأسود التقليدى .. لم يكن بمنزلنا تليفون ربّما حتى أتممت دراستى الابتدائيه .. ربّما لهذا أضاف وجود التليفون فى الكشك سحرا إلى سحره الأصلى .. لم تكن مشكلتى مع التليفون هى فقط فى عدم وجوده بمنزلنا ولكن فى عدم وجود من أحادثهم بالتليفون من أصدقائى لو توفّر التليفون كما كان الأمر حين كنّا نزور خالتى !! كنت أقف أمام العدّه الملوّنه وردية اللون فى انبهار .. أرفع السمّاعه فأجد بالتليفون حراره فعلا !! ثمّ أحاول تذكّر رقم تليفون أى من زميلات الدراسه فأفشل تماما ولا أجد أمامى سوى الاتّصال برقم بوليس النجده ثم إغلاق الخطّ سريعا أو الضغط على الأرقام من 1 إلى 9 ثمّ لا شئ ..

أجد فى منزلنا بعد كل هذه الأعوام خطّين للتليفون و أكثر من عدّه يمثلوا لى كابوسا .. و أجدنى قد فقدت الرغبه فى إجراء اتّصالات أو تلقّى اتّصالات إلاّ فيما ندر !! أنظر لابن شقيقتى ذى العامين و هو يكبر و حوله هذا الاختراع متوفّرا بكثره تبعث على الملل و أفكّر أنّه لن يشعر بما كنت أشعر به من انبهار حين أرى تليفونا فى كشك أو فى منزل أحد الأقارب !! و لا أعرف حقيقة من منّا أسعد حظّا

Thursday, April 17, 2008

إحنا غلابه يا مسعودى؟

قبل أن تقرأ هذه التدوينه : قد يتسبّب ما تقرؤه هنا فى إعطاء انطباع عنّى بالتعالى أو عدم الإحساس بالغير. ولأنّى فقدت من فتره الحماس للدفاع عمّا أحسّه فهما خاطئا لآرائى قد لا أتمكّن من طرح المزيد من الشرح و التوضيح لما أريد أن أقوله .. فعذرا
*******************************************
شاهدت هذا الأسبوع تحقيقا حول قطعة أرض متنازع عليها ضمن برنامج "العاشره مساء"
حسب ما فهمت أن هذه الأرض انتزعت من أصحابها بعد قيام الثوره و تم توزيعها على الفلاّحين "كلّنا درسنا هذا فى التاريخ" ثمّ رفع أصحاب الأرض -الذين انتزعت منهم فى السابق- قضيه يبدو أنّهم كسبوها و حصلوا على حكم باستعادة الأرض من الفلاّحين الذين لم يقبلوا الحكم بسبب حيازتهم للأرض -بشكل قانونى طبعا- لفتره امتدّت لما يقرب من خمسين عاما ..

المهم -بالنسبة لى- فى هذا الموضوع كلّه ليس من صاحب الحق ومن الظالم فهذا أمر حقيقة لا أستطيع أن أصل فيه لموقف .. لكن لفت نظرى خلال استضافة محامية الفلاّحين رأيها من أن المناخ السائد الذى يشجّع على عودة الإقطاع هو السبب فى خسران الفلاّحين لأرضهم
..

بصراحه الموقف ده بيستفزّنى كتير جدّا .. موقف الاعتماد على صوره ذهنيه تاريخيه معيّنه لكسب قضايا و مواقف قد تكون فى الأصل خاسره لكن أصحابها يعتمدون على صوره ذهنيه رسخت طويلا من أجل كسب نقاط قد تكون ليست لهم ..

مثلا

من شهور قليله كنّا نبحث عن مكان لركن السيّاره قريبا من "الحسين" وحين لم نجد و كانت الجراجات المحيطه كلّها كاملة العدد بالفعل تركنا السيّاره فى الطريق .. وكالمعتاد ظهر السايس من تحت الأرض و طلب المعلوم و أعطته صاحبة السياره جنيها لكنّه طلب ثلاثه .. المبلغ المطلوب فعلا تافه لكنّى وجدت صاحبة السياره تصر على أنّها لن تدفعه .. ظهرت فى المكان فجأه سيّده و بعض الشباب من أتباع السايس الذى أوضح إنّه "مش بيسترزق لوحده" فى إشاره فهمتها أنا على أنّها تشير لتعاونه مع بعض من أفراد الداخليه .. أصرّت صاحبة السياره على رفض التهديد و ردّت بتهديد مماثل أن لو جرى أى شئ لسيارتها ستكون العواقب وخيمه ..

فوجئت بالسيّده التى ظهرت فجأه تقول : لو مش هتدفعوا إمشوا من "عندنا" !!
و انجررت طبعا للحديث المستفز بالجمله المعتاده : ده مش شارعكم ده شارع الحكومه !!
رد السايس : لأ مش شارع الحكومه ده موقف
أنا : طيب فين التذكره اللىّ فيها التلاته جنيه اللى بتطلبهم مادام ده موقف !!
السايس : عشان كده مابحبش أتكلّم مع حريم !!

بعد فشل السايس و جماعته فى الحصول على ما يطلبون بدأت الشتائم البذيئه و الدعوات الحارّه إلى الله أن ينتقم منّا لأننا جينا على "الغلابه" !! كان شئ مذهل فعلا استوقفنى كثيرا وقتها أن يدّعى هؤلاء بعد هذا الفاصل من البلطجه و الردح أنّهم غلابه اعتمادا على صوره ذهنيه أن من يركب السيّاره هو اللىّ هيلعب دور الشرّير فى الفيلم الهابط ده بينما من يسير على قدمين هو الغلبان على طول الخط
"ملحوظه هامشيه : ليست لدىّ سيّاره"

الحكايه دى دفعتنى لتذكّر نقاش جرى منذ أقل من أسبوع خلال كورس أحضره حاليا لا أدرى ما الذى استدعى الحديث خلاله عن "السويركى" رجل الأعمال الشهير الذى قبض عليه بتهمة جمع أكثر من أربعة زوجات فى عصمته فى وقت واحد .. فوجئت بأحد الزملاء فى الكورس يؤكّد أن هذا حدث مع "السويركى" لأنّه من الإخوان و أن الحكومه تترصّد له و مستقصداه !! ولا أفهم هل لمجرّد استقرار الصوره الذهنيه لدينا على مشهد أن الحكومه تضطهد الإخوان تصير كل أفعالهم مبرّره !! رجل يكتفى بأن لديه من المال ما يكفى لدفع مهر لزوجه جديده و مؤخّر صداق لزوجه قديمه فيبدّل فى الزوجات -17 زوجه خلال 16 عام- لكن لا مانع لدى البعض من اعتباره ضحيّة ترصّد الحكومه له لأنّه "إخوان" لأن الشريط ده بيتعرض علينا من سنين !! أظن لو صحّ عن هذا الرجل انتسابه للإخوان لكان لزاما عليهم أن يتبرّئوا منه و من أفعاله .. خصوصا مع هذه الزئبقيه المروّعه فى تبرير كل شئ من خلال الدين !!

الموقف ده تذكّرته أمس خلال سماعى لحديث المحاميه التى كان ينبغى أن تدافع عن موكّليها من خلال مواد القانون و ليس من خلال التلميح المبطن للقضاه الذين سيحكمون فى هذه القضيه أنّهم يسيرون مع التيار أو أنّهم سيظلمون الفلاّحين الغلابه لصالح الإقطاعيين مصّاصى الدماء إلى آخرها من صور تكرّرت فى كثير من الأفلام .. يمكن كذلك أن نجد له شبيها مثلا فى ادّعاء البعض بأنّهم يعانون من التمييز ضدّهم دينيا للحصول على ما لا يستحقون !! أتذكّر خلال عملى السابق أن سمعت أن موظّفه مسيحيه زوجها رجل دين فى الكنيسه كانت تهدد أنّها إن لم تحصل على إجازه فى الوقت الذى تريده ستصعّد الأمر بوصفه تمييزا دينيا ضدّها !! وكان مديرها -إيثارا للسلامه و تكبيرا للدماغ- يوافق لها على ما تطلب ..

لست ضد فكرة وجود تمييز دينى كما أنّى لا أجادل فى فكرة اضطهاد الحكومه للإخوان .. لكن الفكره أن هناك من يستغل الموقف و يبتز من أمامه اعتمادا على -على أقل تقدير- على خوفه من تشويه صورته بوصفه مفترى و ظالم و بيتجبّر على خلق الله الذين حرموا ممّا حصل هو عليه !! ومن ثمّ وضعهم فى موقف المدافع عن نفسه ضد تهمه سخيفه لا سبيل للتملّص منها أو يكون عليهم تحمّل هذا الادّعاء الأسخف ..
"العنوان طبعا زى ما كلّنا عارفين مقتبس من رائعة "المتزوجون" *
:)

Sunday, April 13, 2008

هذه المخلوقات اللطيفه !!

كما ذكرت لكم فى السابق أتابع بشغف برنامج "مساءك سكّر زياده" على قناة "أو تى فى" و خاصة يوم الثلاثاء حيث فقرة الكتاب التى تستضيف كاتبا للحديث معه حول أحد كتبه

فى الأسابيع القليله الماضيه استضاف البرنامج الكاتب "بهاء طاهر" بمناسبة فوز روايته الأخيره "واحة الغروب" بجائزة "بوكر" العربيه .. ثمّ استضاف فى الأسبوع التالى الكاتب "جمال مقار" لمناقشة كتابه "كتاب الودعاء" الذى أصدرته مؤخّرا "دار الشروق"

لا أدرى لماذا لفت نظرى فى الضيفين روح لطيفه من التواضع الغير مفتعل كانت تغلّف الحوار .. صوت خفيض هادئ و ردود صريحه بدون فذلكه أو ادّعاء !! لدرجة أنّى برغم عدم تحمّسى السابق لقراءة الكتاب الثانى "الودعاء" فكّرت جديّا فى الاطّلاع عليه تمهيدا لقراءته لو أعجبنى .. استغربت كذلك شعورى خلال مشاهدة الكاتبين و سألت نفسى : هل صار التواضع الحقيقى قيمه نادره تجعلنا نشعر بسعاده و ألفه مع من يمارسونها كما تجعلنا نحب الاستماع لحديثهم و الاستمتاع برؤيتهم !! أحد الأسئله التى وجّهت ل "جمال مقار" كان حول العناوين الغريبه التى يختارها لكتبه و التى قد تجعل الإقبال على قراءتها محدودا بعض الشئ .. توقّعت إجابه تلقى اللوم على القارئ أو تتّهمه بالسطحيه أو رد من نوعية "أكتب لنوعيه خاصه من القرّاء" لكنّى فوجئت بالإجابه البسيطه :

أنا باعرض الكتب على الناشر ولم يحدث فى مرّه أن قوبلت العناوين التى أختارها بالاعتراض ..

هذكا من دون أى ادّعاء أو سفسطه وكلمات من نوعية "تماهى السرد" التى أنوى أن أكتب عنها تدوينه لاحقه :) إن شاء الله

"بهاء طاهر" كذلك بابتسامته البسيطه و صمته الذى يزيد عن كلامه كان حضوره مؤثّر للغايه و ربّما لبعد المسافه بين مشاهدتى للحلقه الخاصه به و بين كتابة هذه التدوينه لا أوفيه حقّه من الحديث لكن ربّما يكفى أن أقول أنّى سعدت كثيرا بمشاهدة هذين المخلوقين اللطيفين حتى لو لم تعى الذاكره كل ما تحدّثوا عنه ..

Saturday, April 05, 2008

ماذا تكتب على شاهد قبرك





هذه الفكره طرحت فى أحد المنتديات العزيزه التى أشارك فيها .. قرأت هذا السؤال منذ أسابيع و طرحته على نفسى .. لابد أن يكون ما أكتبه على شاهد قبرى شيئا مميّزا حقّا .. يلخّص عصارة تجربتى الحياتيه -إن كان سيكون لها أى عصاره أصلا- على خير ما ينبغى !! لماذا لا أكتب مثلا : الإنسان يعيش مرّه واحده !! و أترك لخيال القارئ تخمين المعنى الذى أقصده : هل يعيشها مرّه واحده فليعشها إذن بالطول و العرض !! أم يفعل العكس و يسير على الصراط المستقيم إذ ليست هناك فرص أخرى !! أم يكتفى أن يحمد الله أنّه سيعيشها مرّه واحده ولن يضطر لمكابدتها مرّه أخرى !!



فكّرت كذلك فى اختيار آيه قرآنيه لكن الاختيار كان صعب جدّا .. الآيات التى تبشّر بنعيم الجنّه عديده ولا أدرى لماذا أفترض أصلا أنّى سأذهب إلى الجنّه !! لكنّى رغم هذا لا أقوى على التفكير فى أى من آيات العذاب !!



عجزت كذلك عن التفكير فى النصيحه التى سأدلو بها لمن قد يزورون قبرى بعد الرحيل !! الحقيقه خلال التفكير فى موضوع النصيحه وصلت للفكره التى دفعتنى حقّا لكتابة هذه التدوينه !! إنّنا لا نقوى على تصوّر فكرة رحيلنا عن الحياه و نرغب حتى بعد رحيلنا عنها أن نقول كلمة ما تربطنا بها و تجعل من ظلّوا بعد على قيدها يتحدّثون عنّا !! أن نلقى بنصيحه .. أن يتذكّرنا الأحياء بشكل أو بآخر .. هذه الرغبه الشديدة التملّك التى تجعل إنجاب الأطفال مثلا هدفا يصعب الحياد عنه لمن حرم منه !! تخليد الذكر .. حتى المثل الشعبى يقول : اللىّ خلّف ما ماتش !! كأن الموت و تلاشى الذكر أمر يصعب تصوّره ناهيكم عن تقبّله !!



نحن نرغب بإعطاء غيرنا نصيحة ما فى الوقت الذى قد نعجز فيه عن منحها لأنفسنا أو أن نلتزم بما نودّ أن ننصح به غيرنا بعد أن رحلنا عن الحياه و انتفت كل علاقه لنا بها !! ربّما لنفس السبب نهتم بأن نأخذ صورا لأماكن زرناها أو أشخاص التقيناهم فى رحلة حياتنا .. نحن نرغب فى أن نترك أثرا أو كما قالت بطلة فيلم "ابتسامة الموناليزا" الذى انتهى قبل دقائق من كتابة هذه التدوينه : نحن نرغب فى أن نحدث فرقا !! فلنحدثه إذن فى حياتنا و نكتفى من الرحله بهذا القدر .. دون طمع فى المزيد منه بعد الرحيل :)

Tuesday, April 01, 2008

أفكار حول الاستقلال


أتابع بشغف -كلّما تسمح الظروف- برنامج "مساءك سكّر زياده" على "أو تى فى"

من ضمن فقرات البرنامج فقره لحل مشكلات المشاهدين العاطفيه تعرّفت من خلالها على كاتبه شابه اسمها "مروه رخا" ترد على مشكلات المشاهدين بنصائح تعجبنى فى معظم الأحوال و شخصيتها كذلك لطيفه و محبّبه

المهم فى حلقة بداية هذا الأسبوع يوم الأحد كانت "مروه" و معها "جورجيت قللينى" عضوة مجلس الشعب و المذيعه "بثينه كامل" ضيوف على البرنامج لمناقشة فكرة استقلال النساء من خلال التعليق على فيلم تسجيلى -غالبا- اسمه "ست بنات"

حسبما فهمت الفيلم يدور حول فتيات و سيدات اضطرّتهنّ الظروف لترك بيوت الأهل و الاغتراب للعمل أو الدراسه فى مدن أخرى .. لم يحظ الفيلم بقدر كبير من النقاش قدر ما حظيت فكرة الاستقلال نفسها بالقدر الأعظم منه
فكرة الاستقلال كانت تدور حول ترك الفتيات منزل الأسره حين تسمح لهنّ الظروف بهذا و الانتقال لسكن مستقلّ!! الدفاع عن هذه الفكره كان من نصيب "مروه" و بثينه" بينما كان موقف "جورجيت" -الذى اتّفقت معه- هو عدم الترحيب بالفكره طالما لم تحتّمها الظروف

ليس سبب تحفّظى على الفكره سبب دينى أو أخلاقى وليس سببه التخوّف من نظرة المجتمع لفتاه تقيم بمفردها فى مسكن رغم وجود أسرتها بنفس المدينه !! تحفّظى على الفكره منبعه أنّى لا أعتبر الاستقلال -المكانى- هو المعنى بفكرة استقلال أى إنسان ناضج رجلا كان أو امرأه

أعتقد أن الاستقلال يعنى القدره على اتّخاذ القرارات الشخصيه دون الحاجه لدعم أو مساعده اللهم إلاّ طلب النصيحه و المشوره ثمّ القدره على اختيار الأنسب .. وقد يعنى الاستقلال كذلك الاستقلال المادّى و القدره على تحمّل الإنسان نفقاته الخاصه أو حتى تحمّل نفقات البعض من أفراد أسرته

لكن "مروه" كان رأيها أنّها بحياتها فى مسكن مستقل ستكون مسئوله بالكامل عن نفسها من الألف إلى الياء و هو أمر أراه متحقّقا بالفعل لأى فتاه تعمل خارج المنزل عدد من الساعات كل يوم و تأخذ قرارات عديده تتعلّق بعملها و حياتها و صداقاتها دون الرجوع لماما أو بابا !!
الاستقلال ليس مجرّد استقلال مكانى فى مسكن منفرد .. بالنسبة لى حلم الاستقلال بمسكن خاص فكره قائمه لأسباب ليس لها علاقه بالإحساس باستقلال شخصيتى !! لأنّى أشعر بالفعل بهذا دون مغادرة بيت أهلى .. و أفهم أن الفكره قد يكون لها جاذبيه أكبر لمن عانى فى مسكن أسره ضيّق مثلا و من ثمّ الموضوع يتعلّق أكثر بتحقيق قدر من الخصوصيه أكثر منه تحقيق استقلال لكنّه كما فهمت من الحوار ليس الحال بالنسبة للمدافعات عن الفكره .. الاستقلال فى رأيى حاله ذهنيه و نفسيه و ليس مجرّد العيش منفردا فى مكان ما .. أنا بصراحه شعرت بقدر من الأسف لما اعتقدته نظره سطحيه بعض الشئ لفكرة الاستقلال .. بعض المتّصلين حين عبّروا عن عدم اتّفاقهم مع الفكره كان الرد هو : لماذا لا نحترم رغبة الغير و اختياراته !! و الحقيقه أن تبادل الاتفاق أو الاختلاف حول فكرة ما لا يعنى أبدا حرمان من يؤيّدوها من وضعها موضع التنفيذ !! ده شئ بديهى جدّا لكن فكرة ترجمة اختلاف البعض مع فكره ما بأنّه حجر على حريّة المتّفقين معها أصبحت أسطوانه مشروخه تبعث على الملل ولا تحمل سوى معنى واحد : إمّا أن تتّفق مع الفكره أو تسكت ولا تعلّق وهو موقف يثير الاستياء جدّا ..

إحدى المتّصلات -يبدو من صوتها و كلماتها أنّها أم- تساءلت : لماذا يحرم الأبناء أنفسهم و يحرموا أسرهم من التفارب و الترابط و تبادل المودّه قبل أن يحين وقت الرحيل .. وبالنسبة لى هو تساؤل وجيه و مشروع .. و إذا كان البعض تضطرّهم ظروفهم للرحيل بحثا عن فرص أفضل لم توفّرها لهم مدنهم و قراهم التى ولدوا بها فلماذا يختار البعض الابتعاد طواعية بحثا عن استقلال لا يرتبط بالمكان بل يرتبط بالإنسان !! أحيانا أشعر أن الارتباط بالأهل -بمعنى عدم الرغبه فى الانفصال عنهم لتحقيق أحلام يمكن تأجيلها بعض الوقت أو حتى نسيانها تماما- يحمل قدرا من عدم النضج و الارتباط المرضى بالأسره يتناقض مع فكرة الاستقلال .. وكان هذا الشعور يغمرنى بقدر كبير من الخجل و الإحساس بوجود خطأ ما .. لكنّى حاليا لم أعد أشعر بنفس الشئ ..

تذييل : كتبت هذه المدوّنه لعدم استطاعتى الاتصال بالبرنامج للتعليق على الموضوع و لعدم اتّساع المجال حتى لبعض المشاركين فى الحلقه نفسها لإبداء الرأى مع ارتفاع الأصوات و الحدّه التى شابت التناول بعض الشئ