زميله فى العمل جاءت تطلب الفلاشه الخاصه بى كى تنقل من عليها بعض البيانات .. فتحت حقيبتى "على البحرى" كى أخرج الفلاشه و كان أن رأت الزميله رواية "سمرقند" التى أقرأها حاليا بالحقيبه !! يجب أن أنوّه أن الزميله كانت قد رأتنى فى مشاوير سابقه مشتركه أقرأ فى كُتب مختلفه و كان أن علّقت ذات يوم :
- يا بِنتى كفايه روايات "عبير" بقى !!
ممّا اضطرّنى للردّ وقتها (وطبعا ماكانتش روايات عبير ولا سحر) بأنّى أكبرها سِنّا أى أنّى توقّفت عن قراءة "عبير" حين بدأت هى فى الاطّلاع عليها ..
المهم أن الزميله حين رأت رواية "سمرقند" علّقت متسائله فى سخريه عن هذه الكتب التى تملأ الحقيبه دائما وما الغرض من وجودها أصلا !! ولا أُنكِر أنّى شعرت وقتها بالحاجه لتبرير موقفى بأى منطق دفاعى و لم أجد مبررا سوى أنّنا نذهب كثيرا فى مشاوير طويله لمدينة "العاشر من رمضان" و ليس هناك ما نقطع الوقت به سوى القراءه !! و برغم المنطق المتهافت الذى قدّمته و الذى أشعر باحتقار شديد له فى هذه اللحظه وجدتها تردّ أن الأفضل من هذا هو قضاء الوقت فى النوم كما تفعل هى !! و اضطررت للدفاع مرّه أخرى بعدم قدرتى على النوم فى سياره تجرى بسرعة 120 كم/س بينما تغطّ هى فى نوم عميق اللهم لا حسد !! و انتهى الحوار بقولها :
- آآآآآآآه دى مشكلتك انتِ بقى !!
لم تكَن هذه هى المرّه الأولى مؤخّرا التى اضطرّ فيها لشرح أسباب "لماذا أقرأ" !! هذا السؤال أصبح عادى جدّا على ألسنة كثيرين ممّن ألتقيهم !! سألتنى زميله أخرى فى بداية عملها معنا حين وجدتنى أفتح موقع "المصرى اليوم" : بتقريها ليه !! و بصراحه ضربت لخمه و عرفت معنى كلمة "حِرت جوابا" !! فعلا لم أجد ما يمكن شرح الأمر من خلاله بل كنت أشعر بذهول من السؤال !! و بالتدريج بدأت أتحرّى ألاّ يظهر علىّ اهتمام بموضوع القراءه حين وجدته موضوعا مثيرا للسخريه لدى البعض !! السؤال يبدأ عادة ب "بتقرى إيه" ثُمّ يليه "بتقرى ليه" !! ما أسهل الردّ على السؤال الأوّل و أصعب الردّ على الثانى !! حين أفكّر فى موقف الزميله الأولى التى نصحتنى بالنوم العميق و بعد ذهاب الصدمه التى شعرت بها من تعليقاتها الساخره لاحظت شيئا لا أدرى كيف فاتنى وقتها !! فهذه الزميله -أحسبها على خير- تهتمّ كثيرا بالقراءه فى القرآن و تحضر دروس لحفظه .. و من ثمّ رُبّما كان الرد عليها بأنّنا أُمّة "إقرأ" ردّا مناسبا فاتنى وقتها !! لكنّى على ثقه تامه أن هذا الرد كان سيلقى جدلا من نوع ما ينتهى لعدم أهميّة قراءاتى ..
مؤخّرا أصبحت أشعر -بلا أى مبالغه- أن فعل القراءه صار من الأفعال التى ينبغى أن يمارسها الإنسان بتحفّظ و تكتّم ولا يُعبّر عن انخراطه فيها سوى بعد أن يطمئن لمواقف من حوله كما المنضمّين لجماعات سرّيه تقوم بنشاط يخالف العُرف !! مثلها مثل الحديث أو الكتابه باللغه العربيه وهذا يستدعى قصّ هذا الموقف "الطريف"
زميلتى التى تتساءل عن سبب قراءتى للجريده تتلقّى رسائل إلكترونيه بطلبات شراء الأجهزه التى تحتاجها إدارات الشركه المختلفه .. الزميل الذى يرسل لها هذه الرسائل يكتب رسائله بلغه عربيه صحيحه و سليمه ما إن تتسلّمها الزميله حتى تصيح ساخره من "فلان" الذى أرسل لها رسالته باللغه العربيه التى قد تكون غامضه بالنسبة لها بعض الشئ مقارنة بالانجليزيه !! و أنّها فى بعض الأحيان لا تفهم ما يطلبه لأنّه مكتوب باللغه العربيه !! هذا فى الوقت الذى قد تمضى هى وقتا لا بأس به فى اختيار كلمات رساله بسيطه تودّ أن تكتبها بالانجليزيه بما لا يبرر إطلاقا سخريتها من الزميل أو ادّعائها أن فهمها للانجليزيه أفضل !! بصراحه يعنى أمّا يكون إنسان عنده ضعف فى فهم اللغه العربيه بسبب انخراطه فى دراسة لغه أخرى أو فى الدراسه بلغه أخرى قد يكون الأمر مفهموما لو كان قد تمكّن من هذه اللغه !! لكن أن يكون ضعيفا فى لغته الأم و يبرر هذا بأنّه يفهم لغه أخرى أفضل منها و يأتى الواقع منافيا لهذا فهو موقف فى غاية السُخف و إن كان يلقى ذيوعا و انتشارا لا يضاهيه فى الانتشار سوى موقف استغراب البعض لسلوك القراءه بدلا من أن يكون العكس تماما هو واقع الأمر !! و رُبّما يكون الموقفان مرتبطين ببعض و الله أعلم ..
أنا أحلامى صارت أكثر تواضعا و لا أفكّر حاليا أن القراءه يُفترَض أن تكون من الأفعال التى يمارسها الناس كالأكل و الشُرب للحفاظ على النوع !! إطلاقا .. أنا آمنت خلاص أنّها تَرَف لا يمكن أن نتوقّع أن يمارسه الجميع .. لكنّى فقط أحلم أن يُعامَل الموضوع بالعاديه التى يتعامل بها الناس مع مشاهدة البعض لكرة القدم !! لا تثير السخريه ولا الاستهجان أو عدم الفهم لدى من لا يهوون مشاهدتها .. و نفس الشئ فيما يتعلّق بالحديث بلُغه عربيه سليمه و صحيحه .. و طولة البال تبلّغ الأمل