قبل أن تقرأ هذه التدوينه : قد يتسبّب ما تقرؤه هنا فى إعطاء انطباع عنّى بالتعالى أو عدم الإحساس بالغير. ولأنّى فقدت من فتره الحماس للدفاع عمّا أحسّه فهما خاطئا لآرائى قد لا أتمكّن من طرح المزيد من الشرح و التوضيح لما أريد أن أقوله .. فعذرا
*******************************************
شاهدت هذا الأسبوع تحقيقا حول قطعة أرض متنازع عليها ضمن برنامج "العاشره مساء"
حسب ما فهمت أن هذه الأرض انتزعت من أصحابها بعد قيام الثوره و تم توزيعها على الفلاّحين "كلّنا درسنا هذا فى التاريخ" ثمّ رفع أصحاب الأرض -الذين انتزعت منهم فى السابق- قضيه يبدو أنّهم كسبوها و حصلوا على حكم باستعادة الأرض من الفلاّحين الذين لم يقبلوا الحكم بسبب حيازتهم للأرض -بشكل قانونى طبعا- لفتره امتدّت لما يقرب من خمسين عاما ..
المهم -بالنسبة لى- فى هذا الموضوع كلّه ليس من صاحب الحق ومن الظالم فهذا أمر حقيقة لا أستطيع أن أصل فيه لموقف .. لكن لفت نظرى خلال استضافة محامية الفلاّحين رأيها من أن المناخ السائد الذى يشجّع على عودة الإقطاع هو السبب فى خسران الفلاّحين لأرضهم
..
بصراحه الموقف ده بيستفزّنى كتير جدّا .. موقف الاعتماد على صوره ذهنيه تاريخيه معيّنه لكسب قضايا و مواقف قد تكون فى الأصل خاسره لكن أصحابها يعتمدون على صوره ذهنيه رسخت طويلا من أجل كسب نقاط قد تكون ليست لهم ..
مثلا
من شهور قليله كنّا نبحث عن مكان لركن السيّاره قريبا من "الحسين" وحين لم نجد و كانت الجراجات المحيطه كلّها كاملة العدد بالفعل تركنا السيّاره فى الطريق .. وكالمعتاد ظهر السايس من تحت الأرض و طلب المعلوم و أعطته صاحبة السياره جنيها لكنّه طلب ثلاثه .. المبلغ المطلوب فعلا تافه لكنّى وجدت صاحبة السياره تصر على أنّها لن تدفعه .. ظهرت فى المكان فجأه سيّده و بعض الشباب من أتباع السايس الذى أوضح إنّه "مش بيسترزق لوحده" فى إشاره فهمتها أنا على أنّها تشير لتعاونه مع بعض من أفراد الداخليه .. أصرّت صاحبة السياره على رفض التهديد و ردّت بتهديد مماثل أن لو جرى أى شئ لسيارتها ستكون العواقب وخيمه ..
فوجئت بالسيّده التى ظهرت فجأه تقول : لو مش هتدفعوا إمشوا من "عندنا" !!
و انجررت طبعا للحديث المستفز بالجمله المعتاده : ده مش شارعكم ده شارع الحكومه !!
رد السايس : لأ مش شارع الحكومه ده موقف
أنا : طيب فين التذكره اللىّ فيها التلاته جنيه اللى بتطلبهم مادام ده موقف !!
السايس : عشان كده مابحبش أتكلّم مع حريم !!
بعد فشل السايس و جماعته فى الحصول على ما يطلبون بدأت الشتائم البذيئه و الدعوات الحارّه إلى الله أن ينتقم منّا لأننا جينا على "الغلابه" !! كان شئ مذهل فعلا استوقفنى كثيرا وقتها أن يدّعى هؤلاء بعد هذا الفاصل من البلطجه و الردح أنّهم غلابه اعتمادا على صوره ذهنيه أن من يركب السيّاره هو اللىّ هيلعب دور الشرّير فى الفيلم الهابط ده بينما من يسير على قدمين هو الغلبان على طول الخط
"ملحوظه هامشيه : ليست لدىّ سيّاره"
الحكايه دى دفعتنى لتذكّر نقاش جرى منذ أقل من أسبوع خلال كورس أحضره حاليا لا أدرى ما الذى استدعى الحديث خلاله عن "السويركى" رجل الأعمال الشهير الذى قبض عليه بتهمة جمع أكثر من أربعة زوجات فى عصمته فى وقت واحد .. فوجئت بأحد الزملاء فى الكورس يؤكّد أن هذا حدث مع "السويركى" لأنّه من الإخوان و أن الحكومه تترصّد له و مستقصداه !! ولا أفهم هل لمجرّد استقرار الصوره الذهنيه لدينا على مشهد أن الحكومه تضطهد الإخوان تصير كل أفعالهم مبرّره !! رجل يكتفى بأن لديه من المال ما يكفى لدفع مهر لزوجه جديده و مؤخّر صداق لزوجه قديمه فيبدّل فى الزوجات -17 زوجه خلال 16 عام- لكن لا مانع لدى البعض من اعتباره ضحيّة ترصّد الحكومه له لأنّه "إخوان" لأن الشريط ده بيتعرض علينا من سنين !! أظن لو صحّ عن هذا الرجل انتسابه للإخوان لكان لزاما عليهم أن يتبرّئوا منه و من أفعاله .. خصوصا مع هذه الزئبقيه المروّعه فى تبرير كل شئ من خلال الدين !!
الموقف ده تذكّرته أمس خلال سماعى لحديث المحاميه التى كان ينبغى أن تدافع عن موكّليها من خلال مواد القانون و ليس من خلال التلميح المبطن للقضاه الذين سيحكمون فى هذه القضيه أنّهم يسيرون مع التيار أو أنّهم سيظلمون الفلاّحين الغلابه لصالح الإقطاعيين مصّاصى الدماء إلى آخرها من صور تكرّرت فى كثير من الأفلام .. يمكن كذلك أن نجد له شبيها مثلا فى ادّعاء البعض بأنّهم يعانون من التمييز ضدّهم دينيا للحصول على ما لا يستحقون !! أتذكّر خلال عملى السابق أن سمعت أن موظّفه مسيحيه زوجها رجل دين فى الكنيسه كانت تهدد أنّها إن لم تحصل على إجازه فى الوقت الذى تريده ستصعّد الأمر بوصفه تمييزا دينيا ضدّها !! وكان مديرها -إيثارا للسلامه و تكبيرا للدماغ- يوافق لها على ما تطلب ..
لست ضد فكرة وجود تمييز دينى كما أنّى لا أجادل فى فكرة اضطهاد الحكومه للإخوان .. لكن الفكره أن هناك من يستغل الموقف و يبتز من أمامه اعتمادا على -على أقل تقدير- على خوفه من تشويه صورته بوصفه مفترى و ظالم و بيتجبّر على خلق الله الذين حرموا ممّا حصل هو عليه !! ومن ثمّ وضعهم فى موقف المدافع عن نفسه ضد تهمه سخيفه لا سبيل للتملّص منها أو يكون عليهم تحمّل هذا الادّعاء الأسخف ..
"العنوان طبعا زى ما كلّنا عارفين مقتبس من رائعة "المتزوجون" *
:)