Monday, May 12, 2008

حول مسئولية الإنسان عن قراراته

من أفضل الأشياء التى يمكن القيام بها فى الإجازه قراءة قدر كبير من الجرائد دون الشعور بالذنب لأن هناك أشياء أخرى أهم و أجدى كان يمكن القيام بها خلال هذا الوقت الذى ضاع فى قراءة الجرائد !!

خلال إجازتى الأخيره نشرت جريدة البديل -التى أتابعها بقدر من الانتظام- خبرا عن شراء الأهالى فى "طلخا" دجاجا ميّتا و آخر يشتبه فى إصابته بأنفلونزا الطيور من إحدى المزارع .. الخبر رغم هوله و بشاعته لم يكن مستغربا .. الصراحه يعنى .. لكن ما استغربته كان ما ذكرته الجريده فى متابعتها للخبر فى الأيّام التاليه و على لسان إحدى السيّدات

«لم يتسرب إلينا الشك في أن يكون الدجاج مصاباً بأنفلونزا الطيور، فقد اشتريناه من مزرعة حكومية تابعة للطب البيطري، وإذا كانت الدواجن مصابة فعلاً فهذا معناه أن الحكومة تريد القضاء علي الشعب المصري».

إذ أن هذا الموقف الرافض لتحمّل مسئولية شراء دجاج ميّت موقف يثير قدر كبير من الغيظ و الحنق !! فلماذا تتصوّر ربّة منزل محنّكه أنّه فى ظل أزمة الدجاج بسبب أنفلونزا الطيور أن الحكومه ستبيعها هى أو غيرها دجاجا بأسعار رحيمه !! بل هى فى الحقيقه أسعار تبعث على الشك خاصة مع انتشار الخبر بأن الدجاج الذى تبيعه هذه المزرعه مشتبه فى إصابته بأنفلونزا الطيور !! هناك من اشترى هذا الدجاج -حسب الخبر الأوّل- وهو يعلم باحتمال إصابته بأنفلونزا الطيور و قرّر أن يتعامل مع الأمر بقدر ما من الاحتياط .. وهو موقف رغم ما يحمله من مخاطره كبيره بالصحّه و بالحياه ذاتها يمكن جدّا تفهّمه و الشعور حياله بالعجز و التقصير بل و انتظار عقاب الله .. لكن فكرة شراء سلعه لها سعر معروف بسعر يقلّ كثيرا عنه مع الحديث عن رغبة الحكومه فى القضاء على الشعب دون التطرّق لما يمكن أن نفعله نحن للقضاء على أنفسنا من دون تدخّل الحكومه موقف يستدعى التوقّف ..

هذا الموقف يذكّرنى بموقف تكرّر مؤخّرا لدرجه لم يعد معها يثير الشعور بالتعاطف .. يظهر شخص من تحت الأرض و يوهم من حوله بقدرته على توظيف أموالهم و منحهم أرباح طائله على هذه الأموال و أكبر بكثير ممّا تمنحه البنوك !! يمكن زمان وقت ظهور شركات توظيف الأموال كان منطقى أن ينخدع الكثيرون خصوصا مع تورّط شخصيات معروفه و عامّه فى الدعايه لهذه الشركات لكن مع تكرّر الموقف بنفس حذافيره أصبح هناك شئ غير مفهوم فعلا !! فالدعوه لتدخّل الحكومه لحماية الناس من النصّابين جائزه و مفهومه لكن لماذا لا يريد البعض تحمّل مسئولية قراراته لحين تحمّل الحكومه لمسئولياتها !!

إبنة خالتى تقدّم لها من فتره عريس .. رأت أسرتها أنّه مناسب وبعد موافقتها هىّ شخصيا تمّت الخطبه و كانت البنت فرحانه بالعريس و مقتنعه بيه .. أو هكذا بدا لنا .. ثمّ فسخت الخطبه حين لمس والدها عدم جديّة العريس فى إتمام الزواج .. لحد هنا كل شئ عادى جدّا .. لكن الغير عادى كان ما سمعته أمس من أنّها قبلت هذا العريس "عشان بابا و ماما و طنط و العائله رأت أنّه مناسب" !! طبعا تعليقى على هذا الكلام كان طلب بسيط من أفراد أسرتى ألاّ تتدخّل فيما بعد فى المواقف المماثله ولو بإبداء الرأى سلبا أو إيجابا لأنّى و بكل صراحه أكره هذا الموقف الذى يتنصّل فيه البعض من مسئولية قراراتهم خاصة لو كانوا مثل ابنة خالتى التى تدرّس لطلبه يصغرونها بسنوات قليله !!

مش عارفه هى المشكله فى طريقة تربيتنا من البدايه !! يمكن احنا لم نربّى على تحمّل مسئولية قراراتنا ولو القرارات البسيطه منها .. يمكن عشان أمّا طفل بيقع فى الأرض و يبكى لا نلومه على أن لم ينتبه و نلقى باللوم على الأرض و مش بعيد نضربها و نعاقبها طلبا لرضاه و تخفيفا عنه !!

امرأه فقيره أنجبت طفلا رضيعا و أتت من قريتها للقاهره للبحث عن عمل .. وحين أعيتها الحيل تركت طفلها على باب أحد المساجد لعلّ و عسى يجده أحدهم و يأخذه ليربّيه .. لكن الكلاب الضالّه فى المنطقه التى ترك الطفل فيها وجدته قبل أن يجده بشر و تولّت الكلاب مسئولية نهش الطفل و إخراجه من هذا العالم كلّه ليريح و يستريح .. و بكل صراحه و رغم حديث الأم المطوّل عن الفقر الذى اضطرّها لهذا الموقف لم أستطع أن أهضم ما فعلته لاعتقادى أنّه حتى فى أسوأ السيناريوهات و أشدّها قسوه كان يفترض أن تهتم بترك طفلها الرضيع فى ظرف و وقت يمكن فعلا أن يجده فيه أحد المصلّين لكن من شرحها للموقف يبدو أن هذا لم يكن فى حساباتها !!

كونى أكتب هذا بكل تأكيد لا يجعلنى أفضل من أى شخص يتنصّل من مسئوليته عن أفعاله .. فنحن مسئولون بشكل أو بآخر .. ولو أفلتنا فى الدنيا من المساءله فربّما يكون هذا لانتفاء مسئوليتنا المباشره عن قرارات الغير لكنّنا غالبا لن نفلت من السؤال فى الآخره عن هؤلاء الذين ربّما كان يمكن أن نساعدهم بشكل أو بآخر لكنّنا لم نفعل بكل أسف

9 comments:

عدى النهار said...

المثير فى الأمثلة اللي ذكرتيها أنها كلها ، بإستثناء إبنة خالتك ، التصرٌّف فيها كان فردي بحت وبالتالي لايوجد مجال للتحايل على تحمٌّل المسؤلية وإن كان فى ناس كتير تمييزها للأمور ضارب خالص

هى التربية زى ما قلتي بس مش تربية البيت بس ده المدرسة والإعلام والسياسة وغيرهم كتير بيخلقوا جو عام مالوش حل

ً

^ H@fSS@^ said...

تصدقي
انا كنت لسه بعلق عند مدن صديق على موضوع المسؤولية ده
لاني بجد بقيت قرفانة من كل اللي بيحصل في اي شي حوالينا في الحياة و وقت الجد مافيش حد عاوز يتحمل مسؤولية
الكل بيدور على حد يحمله المسؤولية و يطلع هو منها ابيض من الصيني بعد غسيله
و تبصي تلاقي المسؤولية دي فشرت كومة زبالة و مافيش حد بيقربلها و في الاخر الكل مستغرب احنا ليه لا بنتقدم و لا بنتاخر و ان احنا مقهورين و مكسورين و غيره و غيره و غيره

اما ان الحكومة تبيع فراخ متفلوزة للناس و فحواها مسج خفية ان روحوا موتوا احسن فدي حقيقية و واضحة لاي شخص بيفكر
و تكفي حركة رفع الاسعار الاخيرة اللي على راي سواق التاكسي اللي كنت راكبه معاه قاللي
"
الا بتوع المجلس دول عمرهم ما اجتمعوا وقت المجلس الحقيقي، يقوموا يجتمعوا اتناشر بالليل علشان يوافقوا على رفع الاسعار، ده اسميه ايه غير انهم بيسمحولي اني اروح ارمي نفسي في النيل او اقتل كل عيلتي و اريحها من القرف اللي احنا عايشين فيه؟؟
"
قلت معاك حق يا حج
الانتحار اصبح واجب في اليومين دول و اعتقد ان ربنا نفسه حيرحب بيه و مش حيحاسبنا عليه

اسفه للاطاله و تحياتي

قبل الطوفان said...

بل إن الخطر هو في الشخصيات التي لا تملك رأياً ولا موقفاً من الحياة.. وتُساق إلى المآسي والأحزان، وتتحول إلى ضحية، وهي في الأصل طرف في الجريمة.. لأن السلبية ثمارها مُرة على الجميع

ربما تكون التنشئة أو الظروف الاجتماعية وإلغاء آراء الآخرين والتركيبة الغريبة التي تسير عليها الأعراف والتقاليد.. لكننا في النهاية نصنع شخصيات مهزوزة، وعائلات هشة، ووطناً يسلم أمره للحاكم ويهتف له، وفي أحسن الأحوال يلعنه دون أن يحاول أي فعل إيجابي

بنت القمر said...

عندي سؤال احب اعرف اجابتك عليه في مدونتي إن رغبت
تحياتي

زمان الوصل said...

حاله غريبه من الأنتخه الفكريه تنتابنى لهذا أرجو المعذره على الردود المتأخّره :(


==========
عدّى النهار
==========

برغم رؤيتك أن لا سبيل للتحايل على تحمّل المسئوليه إلاّ أن الكثيرين ربّما لن يتّفقوا معك اعتمادا على الصوره الذهنيه التاريخيه إن الحكومه هى المسئوله عن كل شئ !! المشكله أننّا كثيرا ما نتعامل بطريقة رد الفعل دون أن نختار أن يكون لنا فعل حتى حين يسمح المجال بذلك


====
حفصه
====

موضوع المسئوليه و تحمّلها ده ممكن يوقّف حتى أعتى المشروعات تخيّلى يعنى مش قاصر على قرار شراء فرخه يشتبه فى صلاحيتها للأكل و بس لأ ده ممكن تلاقيه عطّل شغل مهم بسبب إنّك مش لاقيه حد تكلّميه أمّا تحبّى تكلّمى شعب "مصر" على رأى فيلم "وا إسلاماه" :)

أنا شخصيا لا أدافع عن الحكومه بس باستغرب ليه الناس مش عاوه حتى تدافع عن نفسها !!
يعنى لو واحد حرامى نط له فى البيت و ماسك سكّينه هيقول خلاص بقى ما السكّينه على رقبتى أساعده و أسلّم و أهى تبقى بجميله ولاّ هيقاوم لحد ما ييجى البوليس "طبعا فرضا البوليس مش هييجى :)"


==========
دكتور ياسر
==========

الله ينوّرك عليك .. أحيانا الضحيّه تتحمّل جزء من المسئوليه باستسلامها لهذا الدور الذى فرض عليها .. سبحان الله أحيان أمّا الواحد يقاوم هذه الرغبه الدفينه فى أن يلعب هذا الدور و يبقى إيجابى شويّه يكتشف أنّه قادر فعلا على المقاومه و إنّه مش قليل الحيله كما تصوّر !!


=========
بنت القمر
=========

أهلين و سهلين :) أجبت يا فندم و معلش الإجابه مختصره جدّا بس فعلا مخّى فى حالة كسل فظيعه :(
شكرا لاهتمامك برأيى ..

قلم جاف said...

شوفي..

فيه حاجة مش عارف إن كانت بعيدة عن السياق ولا لأ.. بس أهه بأقولها على سبيل التفكير بصوت عال..

بنتعامل مع الحكومة كأنها مخلفانا وناسيانا في أمور كتير ، وبنعتمد تبعاً لدة عليها أكثر من اللازم وبنحملها مسئولية بعض قراراتنا..

س بيشتري دجاج مضروب، انتي فين يا حكومة، فلان بينصب على الناس، انتي فين يا حكومة..الخ..

زي ما قلتي بيبقى للحكومة دور لازم تلعبه لكن مش لدرجة الاتكالية الكلية..

لاحظي طريقة تناول الخبرين بتاع الفراخ المزكومة في البديل وبتاع الرضيع اللي أكلته الكلاب..

ولكن برضه علشان نكون منصفين..

قلة المعرفة وقلة الوعي عليهم دور كبير.. أي نعم ماهماش شماعة لكن برضه عليهم دور كبير قوي.. إزاي؟

أحياناً بنضطر للقرار.. والمعلوم بالضرورة إنك علشان تقرري صح لازم تبقى عندك معلومات صح وبدايل تعرفي تنقي منها.. والنتيجة الطبيعية إن القرار يطلع غلط.. خصوصاً إن فيه ناس في بعض الحالات بيبقوا أكثر دراية وأقرب للشخص وهمة اللي "بيبعتوه" .. وهمة اللي مبيتحملوش مسئولية الإرشاد الخاطئ للشخص اللي اتخذ القرار الخاطئ! إذن "حدف" المسئولية على الغير مبيجيش بس من الأشخاص اللي بتاخد القرارات بشكل مباشر.. عذراً للإطالة..

ليلى said...

كل شيء له ألمه الخاص
صدقينى أحيانا كنت أتمنى أن أتنصل من مسؤلية نفسي وأتركها للآخرين
عسى أن يكون واقعي الآن أهون
ثم أعود لأواجه نفسي بأنه في أحلك الظروف أهون فعلا من لو تركت لهم هذا الحق
تألمت لحظة نبش الكلاب جسد الولد وكرهت الأم
عذرا

عدى النهار said...

سلامات :) لعلك تكوني بخير إنشاء الله

Anonymous said...

غيابك طول كده
إنشالله خير