Monday, April 09, 2007

هل "حميده" هى مصر؟

بعد أن انتهيت من حوالىّ شهر من قراءة رواية "زقاق المدق" لا أدرى لماذا قرّرت البحث عن تعليقات عليها على شبكة الانترنت .. و وجدت أن الفكره التى طالما قبعت فى ذهنى حول أن "حميده" بطلة الروايه ترمز لمصر لها وجود فى بعض من هذه التعليقات !! و دفعنى هذا الوجود للاعتقاد الجازم أن من رأى هذا الرأى ربّما لم يقرأ الروايه و بنى هذا الرأى على مشاهدة الفيلم فقط .. و ما تعيه ذاكرتى عن الفيلم قد يبرر بعض الشئ هذا التصوّر حيث أن "حميده" قد غرّر بها و أجبرت على العمل فى الدعاره و انتهت حياتها بالموت -لا أذكر على يد من- و أعيدت للحاره محموله على الأعناق !!

لكن "حميدة" الروايه مختلفه تماما .. حيث أنّها اختارت العمل فى الدعاره بملء إرادتها !! ولم تر بأسا فى استغلال حب أحدهم الشديد لها لحثّه على قتل قوّادها لا لشئ إلاّ إنّه لم يبادلها الحب !! وهى قبل كل هذا كانت فتاه سليطة اللسان لم تر بأسا فى إنهاء خطبتها -من طرف واحد- حين لوّح لها أحد التجّار الأثرياء بالزواج !! فكيف يمكن أن تمثل هذه الشخصيه الكريهه مصر !! و كيف يمكن لأحدهم أن يدّعى بكل بساطه أن "حميده" تمثل مصر لمجرّد أن خطيبها المسكين رآها فى البار مع مجموعه من الجنود الأجانب -تواجدت معهم باختيارها- فثار الدم فى عروقه و اشتبك معهم فى معركه انتهت بموته هو !! رغم أن بداية معركته لم تكن معهم بل مع "حميده" شخصيا بأن قذفها بزجاجة خمر فى وجهها !! و كيف يمكن تجاهل كللللللللللل المقدّمات التى سبقت هذا الموقف و القفز عليها بجساره للوصول لهذه النتيجه الساذجه !!

كثير من الأفلام التى قامت على روايات لا أدرى لماذا يقوم كتّاب السيناريو و الحوار بها بتعديلات و تأييف للروايه كى يصبح البطل أو البطله أصحاب صوره مثاليه تستدعى تعاطف المشاهد حتى لو تنافت مع الروايه الأصليه و الأمثله لا تعدّ ولا تحصى .. لكن لا يعقل أن يكون التغيير للحد الذى يدفع البعض لتصوّر أن "حميده هى مصر و مصر هى حميده"

4 comments:

nohamy said...

حميدة شخصية مصرية مش مصر ..
نجيب في الوقت ده كان بعيد عن الرمزية

قلم جاف said...

قد لا يمكن لأي اثنين من البشر على هذا الكوكب تلقي نص أدبي أو مصنف فني بنفس الطريقة ، إلا أن ترميز "البعض" من النخبة النقدية والثقافية لـ"حميدة" زقاق المدق بأنها "مصر" دون إبداء سبب مقنع أو واضح يبدو أمراً مستفزاً..والمستفز أكثر أنه دائماً توجد "مصر" في كل رواية ، كل حاجة رمز لحاجة ، ويتم تلقيننا كمتفرجين وقراء عاديين هذه التفاهات..

هناك فرضية غابت عن هؤلاء ، أنه ليس بالضرورة أن تكون كل شخصيات المصنف الروائي أو القصصي مشفرة ، أي ترمز لشيء ما في دنيا الواقع..

أفلام تلك الفترة كما أوضحت سلفاً في مقال سابق في "فرجة" كانت أحياناً تحابي نماذج بشرية بعينها كالراقصات والمنحرفات وتحاول اختلاق بعض المبررات لسلوك هؤلاء طريق الانحراف ، رغم أن الطب النفسي أثبت أنه في بعض الأحيان لا تلعب الظروف الاجتماعية دوراً يذكر في جنوح البعض للانحراف!

citizenragab said...

انا جيت متأخر قوي
بس الموضوع لفت نظري خاصه ان اول مرة افكر فيه كان بعد روايه زقاق المدق برضه


طبعا حميدة في الفيلم غير الروايه نهائيا
وعشان كده كان نجيب محفوظ دائما يردد انه ليس له علاقة بالافلام وانه علاقته بالروايه فقط

عندما تتحول روايه الي فيلم يخضع الامر لمعايير تجاريه ولرؤية المخرج الذي بعبث في شخصيات الروايه
ومن هنا فالتقييم لازم ينفصل

وبعدين بصراحه مفيش روايه اتحولت لفيلم وكان الفيلم اجمل من الروايه؟
ياتري ليه ؟

زمان الوصل said...

أعتذر بشدّه على عدم الرد على التعليقات الكريمه التى وردت على هذه المدوّنه ..

بنى أدم مع وقف التنفيذ:

برغم عدم معرفتى بكل الروايات التى تنتمى للمرحله الرمزيه فى أدب "نجيب محفوظ" و التى أظن أن "الطريق" و "قلب الليل" من الروايات التى تنتمى إليها أتفق معك تماما فيما قلته .. أظن "زقاق المدق" و "خان الخليلى" من روايات المرحله الواقعيه -إن كان هناك مثل هذه المرحله فى أدب "نجيب محفوظ"


قلم جاف

الذهاب لترميز بعض الشخصيات و استنتاج ما لا يمكن استنتاجه من بعض الأعمال الفنّيه طريقه مضمونه للفت الانتباه للمتحدّث باعتباره مثقّف .. لاحظ مثلا أنّه هكذا تعامل فى بعض الأحيان كثير من أعمال "يوسف شاهين" لإضفاء عمق وهمى عليها !! لا أقصد طبعا أن قيمة أعمال "نجيب محفوظ" تقارن بقيمة أعمال "شاهين" فتقديرى للأوّل يفوق كثيرا تقديرى للأخير -فيما يتعلّق بالفكر و وجهات النظر- لكنّه مجرّد مثال لتقريب الفكره


المواطن رجب

ولا متأخّر ولا حاجه أنا جيت بعدك :)
قرأت فعلا ما تقوله عن "نجيب محفوظ" .. المشكله أن الفيلم يحظى بانتشار أكبر بكثير من الروايه و بالتالى قد يحدث لبس لدى كثيرين بأن هذا هو رأى كاتب الروايه وليس رؤية المخرج و كاتب السيناريو مثلا !! و طريقة الرمز للوطن ببطلة الروايه متكرره .. "شاديه" مثلا فى "ميرامار" .. لا أذكر اسمها الآن ولا أستطيع قبول هذا الرأى أو رفضه لأنّى لم أنته بعد من قراءتها .. كذلك "بثينه" فى "عمارة يعقوبيان" ذهب البعض لأنّها تمثل مصر .. و شاع هذا الرأى خصوصا بعد تمثيل الروايه !! ولا أعرف لماذا يشيع هذا التفكير فى العالم العربى إذا لا أعرف فى نطاق معلوماتى المتواضعه فيلما صوّر أمريكا أو فرنسا مثلا على أنّها بطلة فيلم أو مسلسل !!