Saturday, July 14, 2007

ماذا علّمتنى الحياه

هذه بعض الفقرات التى ظلّلتها من كتاب دكتور "جلال أمين" الأخير بعنوان "ماذا علّمتنى الحياه" الذى كتبه كسيره ذاتيه ..


لقد أنفقت ثروة طائله فى السفر إلى شواطئ بعيده؛ فرأيت جبالا شاهقه و محيطات لا يحدّها حد. ولكنّى لم أجد متسعا من الوقت لأن أخطو بضع خطوات قليله خارج منزلى؛ لأنظر إلى قطره واحده من الندى؛ على ورقه واحده من أوراق العشب. "طاغور "


يدهشنى الآن طول الوقت الذى احتجت إليه لكى أتعلّم كيف أن علىّ أن أضع ثقتى لا فى الكتاب ؛ مهما بدا جذّابا باسمه أو موضوعه ؛ بل فى مؤلّفه. وأن أدرك أن هناك بعض الكتّاب الذين يمكن أن يشعر القارئ معهم بالأمان ؛ فيستطيع أن يطمئن إلى أن أى شئ يصدر عنهم سوف يكون على الأرجح جديرا بالقراءه ؛ و أن عدد هذا النوع من الكتّاب فى أى فرع من فروع المعرفه ؛ أقل بكثير ممّا نظن ؛ و أن نسبتهم إلى المجموع تميل إلى التضاؤل مع ازدياد عدد من يكتبون الكتب دون أن تكون لديهم فى الحقيقه الموهبه اللازمه ؛ بل ولا حتى الأفكار التى تبرر قيامهم بتأليف الكتب أصلا


الدخول إلى الكويت كدخول فأر صغير فى زجاجه رأى بها قطعه كبيره من الجبن أسالت لعابه فجرى إليها دون أن يفكر فيما إذا كان سيستطيع الخروج من الزجاجه بعد أن يلتهم قطعة الجبن !!


فى وصفه ل "سيرك الطيور" الذى شاهده فى إحدى حدائق "لوس آنجلوس"

"قد ذكّرنى هذا المنظر ببلادنا الفقيره ؛ وبما صنعه بنا الرجل الغربى مما يشبه ما صنعه المروّض الأمريكى. فها هى طيور لا تقل عن مروّضها فى قدراتها و إمكانياتها ولكنّها تفوقه مهابه ؛ فهى تستطيع الطير حيث لا يستطيعه ؛ وهى تهتم بصغارها حيث لا يبدى اهتماما كافيا بصغاره ؛ وهى لا تكذب أو تنافق فى سبيل حصولها على الرزق ؛ ولكن المروّض لا يريد أن يعترف لها بفضل إلا إذا نجحت فى تقليده ؛ و استطاعت الوقوف على قدم واحده و لعبت كرة القدم ؛ و أظهرت من القدرات ما ليس لديها أدنى استعداد أو حاجه إليه


من الممكن أن نعرّف الكتاب الجيد تعريفا لا بأس به؛ بأنّه الكتاب الذى يقول لك ما كنت تعرفه بالفعل؛ أو الذى يمدّك بالحجج التى تحتاج إليها لتأييد وجهة نظرك


كم تغيرت نظرتى إلى هذه الأشياء كلّها؛ وكم تبدو لى الآن نظرتى القديمه مفرطه فى التفاؤل؛ بل أكاد أقول فى السذاجه أيضا. إن هدفنا من قراءة الكتب و الصحف و رؤية المسرحيات و الأفلام و الذهاب إلى حفلات الموسيقى لم يكن مجرّد الترويح عن النفس أو التسليه؛ بل ولا كان مجرّد زيادة معلوماتنا عمّا يجرى فى العالم؛ بل كان هدفنا "الفهم" و الوصول إلى "الحقيقه". ولكنّى لم أعرف إلاّ بعد سنوات كثيره كم هو صعب تحقيق هذا الهدف؛ إن كان ممكنا على الإطلاق.


"جورج أورويل" يقصد أن يقول أيضا -فيما أظن- أن أفضل الأفكار و أهمّها هى أبسط الأفكار و أسهلها؛ و من ثمّ فليس من الغريب أن تطرأ على ذهن الكثيرين؛ فيأتى الكتاب الجيد فقط لتأكيدها و توضيحها.


ربّما كان فيما نعرفه عن حياة" نجيب محفوظ" شيئا يدعم نفس الفكره. فالرجل الذى عاش حتى بلغ الخامسه و التسعين و أنتج كل هذه الروايات التى حازت إعجاب الكثيرين و جلبت له جائزة نوبل كان كارها للترحال بدرجه تلفت النظر. كان ملتصقا التصاقا مدهشا بمدينته و حيّه و المقهى الذى يجلس فيه كل يوم؛ و يرفض رفضا باتا أى فرصه تتاح له للسفر لرؤية بلد جديد و تجربة أى نمط مختلف للحياه. و كأن تجاربه الجديده؛ و هى بلا شك كثيره جدا؛ كانت تدور كلها داخل رأسه. نعم نحن نعرف أيضا أن" نجيب محفوظ" كان قارئا نهما؛ ولكن ما أقل إشادة" نجيب محفوظ" بكتّاب بعينهم باعتبارهم أصحاب فضل كبير على أدبه وفكره؛ وما أصعب أن نتبين تأثيرا لكاتب معين يفوق تأثير غيه. و كأن المهم فى حالة" نجيب محفوظ" ليس ما قرأه من كتب بل ما صنع ذهنه بهذه الكتب؛ أو على الأرجح ما جاءت هذه الكتب لتدعمه مما كان يدور بذهنه من قبل.

My Favourite Parts

ما هو إذن تفسير ما أشعر به الآن من رضا عن حياتى و استقبالى لكل يوم جديد بدرجه من التفاؤل من النادر أن شعرت بمثلها فى الماضى؟ تفسير ذلك أنّى؛ وإن كنت فقدت المشاعر المتأججه بالسرور فقدت أيضا المشاعر الملتهبه بالحزن. لقد عرفت عيوبى و قبلتها؛ ولم أعد أعذب نفسى بأن أتمنى أن أكون شخصا آخر أو الحصول على ما أعرف أن من المستحيل تحقيقه. أصبحت مستعدا لأن أقبل بسهوله أن هناك من هو أفضل منى فى هذا الأمر أو ذاك؛ قانعا بأن لدىّ من هذا الشئ أو ذاك ما يكفينى و زياده.


نعم .. إن اسباب الحزن كثيره .. ولكن مصادر الفرح كثيره ايضا .. ولازال لدى الكثير منها.


صحيح أن الأمثله على خيبة الأمل كثيره؛ ولكن ما أكثر ما نمر به أيضا فى حياتنا من أحداث ساره لم يكن يخطر ببالنا وقوعها؛ ولا كنا لنأمل فيها فى أكثر لحظاتنا تفاؤلا. نعم؛ ما أكثر الآمال التى تصاب بالخيبه؛ ولكن ما أكثر مصادر السرور التى لم نكن نتوقّعها أو نطمح إليها. صحيح أن الإصرار على إنهاء القصص نهايه سعيده لا يعبّر عن الحقيقه؛ ولكنّه ليس أقل صدقا من الإصرار على إنهائها نهايه غير سعيده

9 comments:

قلم جاف said...

بدايةً ، أدين لـ OTV بمعرفتي للكتاب ، وتحديداً في فقرة "كتاب" ضمن "مساءك سكر زيادة" (أنا شخصياً مستبوخ الاسم لكن نعمل إيه) والتي تقدمها رشا الجمال (والتي تشبه أكثر من شخصية أعرفها).. رشا استضافت جلال أمين نفسه على هامش الكتاب ليعلق عليه ، ولم يسعفني الوقت لإتمام متابعة اللقاء..

من الممكن أن نعرّف الكتاب الجيد تعريفا لا بأس به؛ بأنّه الكتاب الذى يقول لك ما كنت تعرفه بالفعل؛ أو الذى يمدّك بالحجج التى تحتاج إليها لتأييد وجهة نظرك

تكاد تكون هذه العبارة صادمة لمن يقرأها لأول وهلة ، وإن كانت تذكرني بعبارة أخرى قرأتها ما معناها أن الناس تقرأ ما تحب وليس بالضرورة ما تريد أن تعرف.. وتذكرني بعبارة أخرى أهم تقول أن الإنسان عدو ما يجهل..

ولذا قد تبقى "كتب المعرفة" حبيسة الأرفف والأدراج!

وإن كنت أشك أن حكم الأستاذ جلال أمين ينطبق على كتب الآي تي وكتب المعرفة التطبيقية..

لقد عرفت عيوبى و قبلتها؛ ولم أعد أعذب نفسى بأن أتمنى أن أكون شخصا آخر أو الحصول على ما أعرف أن من المستحيل تحقيقه. أصبحت مستعدا لأن أقبل بسهوله أن هناك من هو أفضل منى فى هذا الأمر أو ذاك؛ قانعا بأن لدىّ من هذا الشئ أو ذاك ما يكفينى و زياده.


وهذا الشيء يستحق الدكتور جلال أمين الغبطة عليه ، ليس بسبب المرحلة العمرية التي يعيشها قدر ما تكون في أنه محظوظ لكونه وسط بيئة تحترم نضج الناس وحريتهم في اختيار أسلوب حياتهم ، هناك أناس آخرين محاطون بمجموعة من البشر تحاول تشكيل خصوصيات البشر وليس أفكارهم حسب ما تريد بكل سماجة ولا تحترم حق الإنسان في أن تكون له قائمته الخاصة من العيوب!

والله أعلم..

قبل الطوفان said...

أشكرك يا عزيزتي على هذه الاقتباسات والإشارات التي تنم عن تذوق جيد وانتقاء أجود لما في الكتاب..سأحرص على اقتنائه بعد عودتي إلى القاهرة بإذن الله

Anonymous said...

بكام؟

كنت قررت إني أشتريه أول ما عرفت أنه نزل في الشروق، لكن الميزانية باظت الشهر ده، لبس ولعب وعلاج لسيف
:)

ربنا يسهل وأعرف أشتريه الشهر الجاي.
وعلي فكرة أنا كنت نسيت إني حطيت الكتاب في خطة الاقتناء بعد ما تبددت النقود، لكن تدوينتك كانت بمثابة الطوبة اللي بتقع علي النفوخ وترجع الذاكرة زي في الأفلام العربي كده لما البطل يكون ماشي فاقد الذاكرة وتقع علي دماغه طوبه ترجعله الذاكرة
:)
أكيد شفتي الفيلم ده، أو متخيلة منظري وأنا دمي سايح يعني:)

زمان الوصل said...

-------
قلم جاف
-------

فعلا فقرة "كتاب" فى برنامج "مساء سكر زياده" كانت مفاجأه ساره بالنسبة لى خصوصا مع عرض كتاب ل "جلال أمين" و استضافته هو شخصيا .. و الأسئله كان لا بأس بها يعنى .. ماشى الحال

العباره التى تتحدّث عن الكتب ذكرها الكاتب فى أكثر من مؤلّف له من قبل .. الفكره تكمن فى كلمة "جيد" .. فنحن يمكن ان نقرا كثير من المتب بغرض المعرفه او الاطّلاع و معرفة ما لم نعرفه من قبل .. بس الفكره انه اما تقرا كتاب يشرح لك فكره كانت بتزن فى دماغك بس مش عارف تجيب التعبير الصحيح عنها تقوم خابط راسك و تقول : أيييييييييوه هو ده بالظبط اللى كان فى بالى و مش عارف اقوله .. فتحس انه "جيد" لسبب غير موضوعى غالبا :)

----------
عزيزى ياسر
----------

قد يكون بالكتاب ما هو أفضل و أجمل لكن صعوبة إعادة كتابة كل الفقرات هى التى حتّمت قصر الاختيار على هذه الفقرات .. إن شاء الله حين تعود بالسلامه إلى مصر تقوم بقراءته و يا رب يعجبك أحسن باتضايق فعلا لو رشّحت حاجه لحد و ماعجبتوش :(

--------------
مختار المبطوح ..
آه متخيّله المنظر هههههه :)
--------------

الكتاب ب 40 جنيه و هو حوالى 390 صفحه و معه ملحق صور حوالى 20 صفحه
بمناسبة لعب "سيف" مش ممكن تكتب موضوع عن لعب الأطفال و كيفية اختيارها!!

على فكره موضوع الخطّه ده هايل جدا و أغبطك على قدرتك الالتزام بيه .. لأن الكتاب ده تحديدا كنت عامله حسابى مشتريهوش قبل ما اخلص كتب تانيه و بعدين قلت طيب اشتريه و اركنه ابقى اقراه بعدين لقيتنى ركنتب باقى الكتب و قريته :( يمكن لانى باحب كتابات "جلال امين" جدا ..

Anonymous said...

أربعين جنيه كويس ، يا إما هشتريه الشهر الجاي يا إما في معرض الكتاب عشان أستفيد بخصم عشرين في المائة: أصل أنا واد لئيم أوي
:)
وبتاع معارض وكده.

أنا فعلا محضر موضوع اختيار لعب الأطفال لكن لسة ماكتبتوش وهو شاغلني من قبل ما الأستاذ سيف يشرف حياتنا. وانشاء الله هاخلصه قريب. إنتي مكشوف عنك الانترنت ولا إيه قصدي الحجاب :)

وكمان موضوع شهوة اقتناء الكتب ده لأني عانيت منه كتير لحد ما واحد صديقي عالجني منه وهاكتب عنه باردو انشاء الله.

زمان الوصل said...

:)

موضوع لعب الأطفال أصله له علاقه بأن ابنى أختى "على عليوه" -ده اسم الولد مش مامته- دلوقت بقى عمره سنه و ربع و بدأنا نفكّر فى اللعب المناسبه لعمره .. و يبدو الموضوع مأساوى بالنظر لسعر لعب الأطفال المحترمه اللىّ تنمّى قدراته العقليه كمحاوله للتغلّب على تيّار التخلّف الذى ينتظره مع دخوله مرحلة الفرجه على التليفزيون و الكارتون و الحاجات الهبله دى .. كلّما أتصوّر المبالغ المطلوبه من موظّف مثلا عنده طفل و عاوز يشترى له لعب أطفال باحس ان الظلم بيبدأ مع الإنسان المصرى من بدرى جدّا .. من حتى و هو طفل رضيع !!

لهذا انا فى انتظار موضوعك و لحد ما ينزل نروح نتفرّج على محلاّت
Toys R Us
ونتعقّد شويه :)

mano said...

السلام عليكم
تعليقى ليس اكثر من تعليق على ما قولتى عنه عزيزتى بانه
الجزء المفضل لكى


الا يعتبر ما كتبه الكاتب و اقتناعتى بيه انتى الا يعتبر نوعا من اليأس و توقف الحياة عند شيئا لا تستطيعين فعله مع انكى لكى نفس مكونات الانسان الاكثر نجاحا منكى
بمعنى الاكثر نجاحا منك لا يزيد فى يد او رجل ولا يزيد حجم المخ و المخيخ عما تمليكين


الشعور بالسعادة و استقبال كل يوم جديد بفرحة ما هو الا ترويض من الكاتب لنفسه فى عدم
محسابتها على ياسه او فاشله
و يمكن سر سعادة
فى تاك ات ايزى يا عزيزى

زمان الوصل said...
This comment has been removed by the author.
زمان الوصل said...

:)
عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ..
لن أنكر أنّى كنت فى حالة اندهاش من إعجابى بهذه الفقرات !! لأنّى كنت أعدّها المحطّه النهائيه التى ينبغى ألاّ أفترض وصولى لها الآن .. يعنى الكاتب كتب هذه الفقره و عمره 73 عاما بينما أعجبت بها أنا و أعددتها معبّره عن قناعتى و عمرى 32 عام !!

لم أشعر بأن الفقره معبّره عن اليأس أو إعفاء النفس من الفشل ربّما لأنّها تتحدّث عن أمور و أشياء قدريه غالبا لن يكون لى يد فى تغييرها وليس أمور حياتيه أو عمليه ينبغى علىّ السعى لتحسينها !! وفى هذه الحاله ينبغى أن نبحث عن عن عزاء فى شئ آخر ..

وهو فى هذه الحاله سأبتعد بعض الشئ عن محاولة انهاء "الفيلم" نهايه سعيده مفتعله كما نرى فى الافلام الابيض و اسود و فى نفس الوقت لن أكون قريبه جدا من النهايات الميلودراميه الفاقعه التى ميزت بعض افلامنا !!

سيكون الوضع اشبه بمن يسير فى الشارع فى يوم خريفى .. لا هو شديد الحراره ولا هو قارص البروده ..

تحياتى ..