Tuesday, July 15, 2008

حسن و مرقص .. أنا داخله حسن بس


قبل أن تقرأ : هذا سرد لأحداث الفيلم فإن كنت تنوى مشاهدته قد لا يكون من المناسب أن تحرق الأحداث بقراءة هذه التدوينه الطويله فعلا




كنا واقفين أمام مدخل السينما و موظّفها يفحص التذاكر و يبتسم متماحكا فى انتظار بقشيش ما رغم وجود السينما فى الملحق التجارى للفندق الفخم على نيل "القاهره"!!


و لمّا كنّا قد دفعنا تلاتين جنيه مصرى عدّا و نقدا ثمنا للتذكره فإن أحدا لم يضع يده على صدره و يحرّكها لجيبه الأيسر -لأن محدّش فينا عنده جيوب أصلا فى هدومه- و يطلّع اللىّ فيه النصيب ..


وحين قارب الرجل اليأس و تساءل ضجرا : داخلين "حسن و مرقص"؟ كان ردّى : لأ .. أنا قاطعه تذكره ل "حسن" بس


*************************


لم أكن أتصوّر أن ما قلته على الباب استظرافا و تهرّبا من حرج الموقف سيكون هو الوصف الذى ينطبق على الفيلم .. إذ يكفى أن تشاهد ما يقرّر "حسن" أن يفعله كى تعرف أن "مرقص" سيحذو حذوه بالكربون و من ثمّ يكفى أن تشاهد من "حسن و مرقص" النصف الذى يروق لك دون ان تخشى افتقاد النصف الآخر !!



"حسن و مرقص" فيلم يقول أنّه يناقش قضية الوحده الوطنيه .. ومع كل احترامى لمن رأوا هذا فأنا لم أر هذا بالفيلم .. و ربّما تكون قراءاتى الأخيره لأعمال الناقد الراحل "سامى السلامونى" قد جعلتنى لا أرى فى الفيلم سوى النقاط السلبيه و أفسدت علىّ ما كان يمكن أن يكون استمتاعا بالفيلم .. ربّما لأن توقّعاتى كانت تفوق كثيرا ما رأيته ولا أدرى هل هذا خطئى أن صدّقت الدعايه المكثّفه التى لاحقت الفيلم فرفعت توقّعاتنا لمدى لم يدركه !!



منذ بداية الموسم الصيفى لم أشاهد أى فيلم عربى و كلّما يسألنى أحدهم : دخلتى سينما" يكون ردّى : لأ مستنيّه "حسن و مرقص" !! لست من عشّاق أفلام "عادل إمام" وهو ليس من الشخصيات الفنيّه التى أنتظر سماعها بشغف حين يحلّ ضيفا على أى برنامج لكن مناقشة قضيه قديمه و متجدده فى الوقت ذاته كقضية الوحده الوطنيه تحدّى يستحق الانتظار خاصة حين يكون توقّعك أن مناقشة هذه القضيه سيكون بطريقه مبتكره و جديده .. لا أقصد بهذا انتظارى أن يقدّم الفيلم حلولا لكنّى كنت أنتظر أن يقترب من المشكله من زوايا جديده .. أن يبحث فى أسباب المرض لا أعراضه التى نعرفها جميعا ولم يعد الحديث حولها يدور همسا كما كان الحال زمان !!



يبدأ الفيلم بمشهد بين "عادل إمام" أو "بولس" أستاذ اللاهوت و الكاتب المسيحى المعروف و بين ابنه "جرجس" وهو ابنه فى الحقيقه "محمّد إمام"

هو هذا المشهد المعتاد الذى تشعر أنّه مصنوع خصيصا ل "عادل" .. "عادل" و ليس "بولس" .. "عادل" بتعبيرات وجهه المعتاده و إيفيهاته عن العروس القبيحه التى يرغب فى تزويج ابنه منها .. ماشى الحال



ينتقل الموقف بعدها لمشهد مؤتمر الوحده الوطنيه حيث يتبادل المسلمون و الأقباط كل فريق بينه و بين نفسه ما يأخذه على الفريق الآخر .. بينما يقف نفس هؤلاء الحانقون على بعضهم البعض يدّا بيد هاتفين "يحيا الهلال مع الصليب" .. ممكن تضحك على المشهد حين تراه للمرّه الأولى غاضّا الطرف عن الذقن المزيّفه سيئة التركيب التى وضعها أحد القساوسه .. لكن أن يتكرر المشهد مرّه و اتنين و تلاته لابد أن تتساءل لماذا تضييع الوقت و الفكره وصلت خلاص !!



ينتقل الحوار مرّه أخرى بين "بولس" و ابنه الذى يبدو قلقا من موقف أبيه وكلامه بالمؤتمر خوفا عليه من المتطرّفين دون أن نعرف ما الذى جعل متطرّفى دينه حانقين عليه لدرجة تدبير قتله بقنبله وضعت فى السيّاره !! قنبله بزمبلك فيما يبدو إذ أنّها تطلق صفير منتظما كأنّما تحذّر ضحاياها الذين قفزوا من السياره قبل انفجارها بثوان !! لا أعتقد أنّى الوحيده التى تساءلت : لماذا استخدام قنبله لتفجير السياره بينما حادث سير أو حتى سطو مسلّح ينتهى بقتل البطل كان سيكون أكثر منطقيه و واقعيه !! ما علينا ..



لا يبدو الأمن فى الفيلم من بدايته لنهايته مهتمّا بأى شئ .. وفى مشهد مبتسر يقترح رجل الأمن الكاريكاتيرى شديد السخف الذى قام بدوره عزّت أبو عوف" باقتدار -اقتدار على التسخيف و ليس اى شئ آخر- أن تتخفّى الأسره المسيحيه فى ثوب أسره مسلمه تستخرج لها بالفعل بطاقات بأسماء مسلمه على أن تذهب الأسره لتعيش فى "المنيا" .. و يتحوّل "بولس" إلى الشيخ "حسن العطّار" و ابنه إلى "عماد" و زوجته "ماتيلدا" التى قامت بدورها "لبلبه" إلى "زينات" .. لا أدرى لماذا تذكّرت وقتها فكرة "برنامج حماية الشهود" الذى رأيناه مرارا فى الأفلام الأمريكيه و يبدو أنّنا تقدّمنا حتى وصلنا لاقتباسه فى "مصر" !!



قد يتساءل البعض دهشا : هو فين النصف الآخر من المعادله من كل هذه الأحداث و الممثّل للطرف المسلم فى الأحداث؟ الحقيقه لقد ظهر "عمر الشريف" مؤديّا دور الشيخ "محمود" فى ثلاث مشاهد شديدة القصر فى بداية الفيلم ثم نسيه الفيلم لفتره طويله تقارب الثلث ساعه !! و الشيخ "محمود" صاحب محل عطاره و له شقيق إرهابى مطلوب أمنيا .. يلقى هذا الشقيق حتفه -لا نعرف أى شئ عنه سوى هذه المعلومات- و فى صوان العزاء يذهب أفراد جماعته للشيخ ليعرضوا عليه تولّى إمارة الجماعه من بعد أميرهم الراحل لأن هذه وصيّته !! صلاة النبى أحسن التوريث وصل لدى كمان !! و حين يرفض الشيخ "محمود" التكليف يكون جزاؤه حرق محل العطاره الخاص به .. ثمّ يختفى تماما من الأحداث لما يقرب فعلا من نصف ساعه و ليس ثلثها فقط !!



يذهب الشيخ "حسن العطّار" و أسرته إلى "المنيا" .. كل أحداث "المنيا" فى رأيى المتواضع لم تفد فكرة الفيلم أو موضوعه أى شئ .. فهى لم تقترب من علاقة المسلمين بالاقباط هناك اصلا بل كل احداثها يمكن ان تدرج فى فيلم آخر يناقش فكرة تقديس المسلمين لرجال الدين و إضفاء هاله من البركه عليهم وحتى هذه لم نعرف لها مبررا !! فمبجرد ظهور الشيخ "العطار" فى "المنيا" تدافع عليه الناس طالبين فتاوى و استشارات و دعوات و مباركات دون ان نعرف ما الدافع لكل هذا خاصة مع المبالغه الشديده و تكرار نفس الموقف بحذافيره فيما يشبه الاسكتشات !! فالشيخ يتلقى أربع أسئله تطلب الإفتاء فى المسجد يجيب على ثلاثه منها بطريقه مكرره و يترك الرابع لابنه يجيبه بنفس طريقته !! و يتلقّى ثلاث طلبات بدعوات مختلفه فى منزله مع تدافع الناس لتلقّى بركاته !! ثمّ يذهب لمديرية الأمن التى تخلط بينه و بين "حسن العطّار" آخر كان عضو فى تنظيم القاعده !! و يتظاهر الأهالى للإفراج عن "العطار" كما يفرج الأمن عنه لمجرد سماعهم بالخطأ قول رجل الأمن "عزّت أبو عوف" أنّه مختلّ عقليا .. ليقرر أحد الأهالى تعيينه إماما للمسجد كده بمزاجه ولا لشئ سوى المبالغه فيما يعتقده الكاتب مفارقه كوميديه حتى إن صحّت لا نفهم علاقتها بفكرة الفتنه الطائفيه و الوحده الوطنيه !! ما الذى أضافه هذا المشهد بالكامل سوى ظهور أحد أصدقاء المخرج "رامى إمام" فى دور ظابط المباحث وهو نفس الشخص الذى اختاره لدور الإرهابى فى فيلم "أمير الظلام"؟ هذا شأن عائلى فيما يبدو



برغم الإفراج عن "العطّار" ببساطة خروج الشعره من العجين يقرر من نفسه العوده للقاهره و الاقامه لدى صديق مسيحى يعرف بامر تخفيه هو و اسرته !!مرّه اخرى دون ان يكون للامن ادنى راى فى هذا و دون ان نعرف طيب راح "المنيا" فى ايه و رجع فى ايه و راح ليه اصلا طالما فيه اختيارات اخرى !! و حين يستقر "العطار" فى شقته الجديده بحى "شبرا" يفاجئنا الفيلم بعد مرور نصف ساعه على اختفائه بوجود الشيخ "محمود" فى الشقه المقابله له باسم "مرقص" !!



صدفه غريبه و غير مفهومه !! فقرار "العطار" يبدو انه اتخذه من نفسه و ليس بتدخل من الامن بينما يبدو ان "مرقص" اقام بهذه العماره الجديده تنفيذا لنفس الفكره لكن بطريقه معكوسه فكيف يتأتّى أن ينتهى الاثنان للاقامه فى نفس البيت و الباب فى الباب !! لا بأس



و يبدو أن الفيلم كان به دقائق لا يدرى صنّاعه كيف يملئونها فلم يبخلوا علينا بمشهد ساذج بين الفتاه القبيحه خطيبة الابن الشاب المنتظره و بينه اللهم الاّ استدرار بعض الضحكات الرخيصه على أنفها الطويله المركّبه و عينها البارزه بادية الزيف التى لم يكلّف المخرج نفسه بإبعاد كاميراته عنها حتى لا يبدو زيفها شديد الوضوح للمشاهدين كما كان الحال مع ذقن القسيس !! مشهد آخر ليس له أى داعى سوى ظهور "محمد إمام" فى مشهد يفترض أنّه كوميدى و يذكّرك بالمشاهد السخيفه التى يؤدّيها "سمير غانم" فى بعض مسرحياته حين يرتدى ملابس النساء بينما يترك شاربه على وجهه !! حاجه مقززه فعلا ..



بوصفى مسلمه لم أعرف هل ما جاء على لسان الأقباط فى الفيلم من مواقف و كلمات صحيحا أم مبالغا فيه !! "لبلبه" فى أوائل مشاهد الفيلم ظلّت تردد كلمة "باسم الصليب" كتير جدّا تعبيرا عن خضّتها .. و حين سكن الشيخ "محمود" فى العماره بوصفه "مرقص" زاره رجال الكنيسه لافتقاده أى دعوته للانتظام فى زيارة الكنيسه و صلّوا فى منزله طلبا للبركه و بخّروا الشقّه !! مش عارفه يعنى هل رجال الدين المسيحى بيشقّروا على كل مسيحى جديد يسكن فى الحى الذى تقع به كنيستهم و يقوموا من نفسهم بكل هذا !! لا تعليق طبعا على طرح موقف مماثل لللشيوخ المسلمين الذين اقاموا مقرأه فى بيت "حسن العطّار" ولمجرّد أن يكون لكل موقف للمسيحى نظيره للمسلم و العكس صحيح حتى لو لم يكن الموقف يمت للواقع بصله



و فى مشهد جديد ليس له اى داعى و يمكن حذفه بلا ندم يظهر "عزت ابو عوف" فى مشهد يفترض حدوث تفجير فى مترو الانفاق على حين يخاطبه "حسن" لتحويل ابنه من جامعته "اللىّ مانعرفش هى إيه"إلى جامعة "القاهره" !! أتحفّظ بشدّه على الأداء السمج ل "عزّت أبو عوف" و هذا "الديل" الذى ظهر معه فى كل مشاهده كما لا أفهم المنطق وراء هذا المشهد .. إذ يفترض أن حياة الأسره من البدايه كانت بالقاهره لكن مشهد استغرق حوالىّ ثلاث دقائق للحديث مع رجل الأمن حول نقل الابن من جامعه لأخرى بينما الأسره تتنقّل أصلا باختيارها الشخصى !! دى بردو حاجات بسيطه مش لازم نقف عندها ..



تتوطّد العلاقات بالتدريج بين الأسرتين الجارتين و يتشارك "حسن و مرقص" فى فتح مخبز و الاختيار ذو دلاله واضحه طبعا و تثير هذه الشراكه أصدقاء الطرفين فيتعجّب المسلمون من اختيار "حسن" لرجل مسيحى كى يكون شريكه و نفس الشئ بالنسبه للفريق المسيحى .. مواقف الطرفين غالبا منسوخه بالكربون و حتى جمل الحوار .. وقد يرى البعض فى هذا تكنيك فنّى لكنّى وجدته مضيّعا للوقت لتكراره على مدار الفيلم و ليس مرّه أو مرّتين و الاعتماد على ذكاء المشاهد لمعرفة التكرارات كما أنّه جعل نصف الفيلم تقريبا متوقّعا ..



يسير الفيلم لبعض الوقت فى تيّار الصدف الغير مبرّره .. إذ يقرر كل من "حسن" و "مرقص" الصلاه كلّ فى دار عبادته فى نفس التوقيت !! فيذهب المسلم لأداء صلاة الفجر و يخرج المسيحى لأداء صلاه لا نعرف هل توجد فعلا لدى الأقباط و توقيتها وقت الفجر فى كنيسه مفتوحة الأبواب على مصراعيها بلا أى رجل أمن مدخلها مقابله تماما لمدخل المسجد !! و يضطرّ كل طرف للصلاه فى بيت عبادة الطرف الآخر تجنّبا لانكشاف أمره :) و لا أريد أن أعلّق على هذه الجزئيه بالذات لأنّه مش هينفع .. لكن الجدير بالذكر هنا أن التصوير بشكل عام أو لنقل الإخراج كان "عادى" جدّا فلا أذكر لقطه أو مشهد علّق فى ذاكرتى وشعرت أنّه يمثل بصمة "رامى إمام" كمخرج له أسلوب مستقل .. اللقطات التى بدت فنيّه بعض الشئ كانت تلك التى تدول حول أو بداخل دور العباده إذ بدت سياحيه نوعا ما و إن كانت أعجبتنى لكن غير كده أظنّها كانت عاديه جدا



صدفه أخرى عجيبه كانت فى تواجد نفس الشخص الذى رأيناه يعرض إمارة الجماعه على الشيخ "محمود" فى أوّل الفيلم وهو يزامل "عماد" فى الجامعه و يعرض عليه الترشّح لانتخابات اتحاد الطلبه باسم الجماعه الإسلاميه !! كده خبط لزق من غير ما يكون شاف "عماد" ده صلّى معاهم ولو مرّه واحده فى مسجد الكليّه !! و يبدو أن "يوسف معاطى" دخل جامعه مودرن غير اللىّ دخلناها و ليس لديه أدنى فكره عن كيفية اختيار أفراد هذه الأسر أو طريقة الانضمام إليهم بس كلّه يهون عشان يطلع "محمد إمام" يبربش فى الفيلم و يبرّق لنا ويكرر تعبيرات وجه والده !! الرحمه من عندك يا رب



نظرا لأنّه ليس هناك صراع محسوس بالفيلم انحصر الصراع على الفتاه الجميله "فاطمه" ابنة الشيخ "محمود" التى تحولت إلى "مريم" المسيحيه .. إذ يرغب أحد جيرانها المسيحيين فى الزواج بها لكن بالطبع والدها يرفض دون ابداء الاسباب فيبدا هذا الابن فى تعقبها و يعرف من خلال مجموعه اخرى من الصدف ان بينها و بين "عماد" الذى يظنه الجيران مسلم علاقه عاطفيه .. تشتعل الاحداث فى الشارع بسبب التفاف كل فريق حول الطرف الذى يمثله و فى الاشتباك يقع "عماد" جريحا و زى كا كلنا عارفين فصيلة دمّه نادره و مفيش غير الاستاذ "مرقص" متبرّع مناسب !! جديده الفكره دى فعلا و مبتكره ..



تنتهى معركة الشارع بشكل مبتور كأنّما كان الهدف منها دفع الأسرتين للرحيل و تقرر الاسرتان بالفعل الرحيل معا عن الحى الى "الاسكندريه" و تحديدا الى حى "محرّم بيه" .. للمرّه الكتير جدا قرار الاسره لا علاقة له بالامن مما يدفعنا للتساؤل طيب هى فين المشكله اذا كان التحرك مأمونا و سهلا لهذه الدرجه من البدايه و اين اختفى الارهابيون الذين هددوا الطرفين و لماذا ترحل الاسرتان معا رغم تعارض هذا مع الاعتبارات الامنيه لان التحرك على انفراد اسهل و اسرع؟ فتكون الاجابه كى تقيم الاسرتان معا فى بيت واحد .. و كى ياكل الجميع من طبق واحد و يضحكوا على نفس المواقف و يكتشفوا ان فلان اللى كانوا فاكرينه مسلم طلع مسيحى و العكس !! ياااااه يا اخى شوف ازّاى



تأتى المصارحه بين "عماد" و "مريم" حين يعرف كلّ منهما أن الآخر ليس على الدين الذى يدّعيه !! و يدير كل فريق ظهره للفريق الآخر و يبدأ يبحث عن أسباب واهيه و غير موجوده أصلا للخلاف و أظن هذا هو أهم مشهد فى الفيلم "تقريبا المشهد قبل الأخير" .. لم يعجبنى فى هذا المشهد هذه المحاوله العنيفه و المتطرّفه لتعريفنا إن كل شئ رجع لأصله فرأينا الزوجه المسلمه ترتدى النقاب و ابنتها ترتدى حجابها بينما هم جلوس فى المنزل !! لم أفهم كذلك كيف يكون الشيخ "محمود" شخص يصفه الفيلم بالتنوّر و سعة البصيره بينما يظهر الفيلم زوجته مرتديه النقاب فى المنزل دون أن يكتفى مثلا بإظهارها بحجاب معتاد لمجرّد أن يقوم بعمل

stressing

على قوّة التحوّل و عمقه لدرجة أنّى حين شاهدت الزوجه المسلمه ترتدى النقاب و الزوجه المسيحيه ترتدى قميص نوم مفتوح ضحكت و قلت هو التوازن هنا كمان واحده تلبس و التانيه تقلع !!



بالتوازى مع التوتّر فى علاقة الأسرتين و بدون أى تمهيد فى الأحداث السابقه أو تبرير نرى دور العباده وقد اشتعلت خطبها بالتحريض و التهييج على الآخر !! وحتى لو كان هذا إسقاط من الخاص على العام فهو قد حدث بدون أى ربط ومن يشاهد الفيلم دون أن يعرف أن أحداث فتنه طائفيه وقعت فى حى "محرّم بيه" بالاسكندريه قد لا يفهم هو إيه اللىّ حصل و قوّم الناس على بعض كده !! هل يكفى الاعتماد على معرفة المشاهد على عكس القاضى الذى لا يحكم بعلمه !! مش عارفه الحقيقه



برغم أن مشهد النهايه المروّعه التى اشتبك فيها الطرفان معا كان أكثر مشهد تأثّرت به بشدّه حين تخيّلته واقعا نراه بأعيننا التقطت عينى بعض أعضاء الكومبارس المشاركين فى المعركه يتظاهرون بالخناق بينما هم يضحكون ممّا دفعنى للضحك معهم :)) برغم تأثّر معظم الحاضرين بدور العرض بما يشاهدونه لدرجة إنّى خفت أنضرب خاصة فى المشهد المتوقّع جدّا حين يخلع "عمر الشريف" الجاكت الذى يرتديه ويعطيه للزوجه المسيحيه التى تركت البيت هربا من النيران ربّما لأنّى توقّعت سير المشهد منذ أن خرجت من البيت بقميص النوم و مش عارفه هل ألام على هذا التوقّع خاصة و معظم أحداث الفيلم متوقّعه !!



أعرف أن الكثيرين يدافعون عن الفيلم بوصفه ليس ملزما بتقديم حلول لكنّى أظن أنّه على الأقل ملتزم بتقديم المشكله فعلا و أسبابها و بشكل واقعى او صحيح .. الفيلم الذى يريدنا أن نعامله بوصفه فيلما جادّا ينبغى أن يكون له على نفس المستوى !! لا أن يمتلئ الحديث عنه بالجديّه و الوقار بينما هو يحمل قدر لا بأس به من -عفوا فى التعبير- الركاكه .. الفيلم يمتلئ بالهزليات التى لا داعى لها ولا ضروره وكان يمكن اهمالها لصالح ما هو اهم .. إذ هل يمكن مثلا ل "أحد آدم" أن يدّعى أن فيلمه "معلش إحنا بنتبهدل" يناقش قضية الحرب على "العراق" لمجرّد أن الفيلم تحدّث عن "صدّام حسين" و سجن "أبو غريب" !! أو أن يقول "محمّد سعد" أن فيلم "اللمبى" كان يناقش أزمة البطاله لمجرد انقلاب عربية الكبده بتاعته على يد رجال البلديه !! و ليس فى كل عمل ل "يوسف معاطى" سيكون العمل متواضع على المستوى الفكرى و يكون مطلوبا منّا استنباط الرسائل المبطنه بين السطور كما كان الحال مع درّته الأخيره "حماده عزّو" !! لا يمكن أن ندافع عن الفيلم بدعوى إنّنا عارفين كل حاجه و أن المشكله أكبر و أعمق من أن يتصدّى لها فيلم مدّته ساعتين لأن اعتمادنا على ما نعرفه ينفى الحاجه لصناعة الفيلم من البدايه



كما أن إتقان الصنعه فى فيلم تنتجه شركه كبيره و قادره ماديّا مثل "جود نيوز" يكون فرض عين فى هذه الحاله ولا يمكن التماس أى عذر له سوى الاستسهال و عدم إتقان الصنعه .. فلا يصحّ أن نرى الكومبارس بيضحكوا فى مشهد الذروه فى الفيلم أو وهم يتظاهرون بضرب بعضهم البعض ..


بشكل عام لم يكن هناك وجود محسوس لمعظم الشخصيات و تركّز الضوء على "عادل إمام" طبعا ثمّ "عمر الشريف" .. "عادل إمام" يم تنازل كالعاده عن تعبيرات وجهه التى يحاول فيها التعبير عن الاندهاش بطريقته و أوّل ما تشوفها ستقول ييييييه هو "عادل إمام" و ليس "مرقص" المواطن المسيحى .. "عمر الشريف" أعجبنى أداؤه فى مشاهده الأولى بالفيلم ولا أعرف هل تغيّر الأداء بعض الشئ لاحقا حتى أن عدوى تعبيرات الوجه المقلوبه المصطنعه انتقلت إليه و إن كان أدّاها بخفّة ظل أكبر ..



أكثر شئ إيجابى بالفيلم هى موسيقى "ياسر عبد الرحمن" التى أظنّنى سأفضّل الاستماع إلها بمعزل عنه و عن أحداثه فهى جميله بغض النظر عن الهدف الذى صنعت من أجله

Tuesday, July 08, 2008

لقد اشتريت اليوم فستانا !!


على غرار الجمله الشهيره فى خطاب التنحّى التى يقول فيها "عبد الناصر" : لقد اتّخذت اليوم قرارا أرجو أن تعينونى عليه .. فقد اتّخذت اليوم خطوه تاريخيه و اشتريت فستانا !! لا الحقيقه همّا اتنين ..



أنا عارفه طبعا أن البعض قد يقول إيه التاريخى فى الموضوع ده والذى يستحق أن أكتب له تدوينه !! التاريخى فى الموضوع إنّى من سنّ الطفوله تقريبا لم ألبس فساتين رغم أن والدتى كانت دائما تختار لى فساتين جميله !! لم أدرك سوى متأخّرا جدا إنّها كانت فعلا جميله رغم مقاومتى أحيانا لارتدائها أو عدم إعجابى بها فى البدايه !!



و يبدو أن قرار مقاطعة الفساتين هذا كان قرار فتيات و نساء كثيرات فى هذه المرحله و مراحل لاحقه لأن لفتره طويله كانت محال الملابس النسائيه لا تعرض فسانين "أو يمكن أنا اللىّ ماكنتش باشوفها" !! و حين غيّرت موقفى من الفساتين و حسّيت إنّى عاوزه ألبس واحد كانت المشكله الكبرى هى : إزّاى ألبس فستان أصلا و تقريبا دى موضه و بطلت و مفيش حد فى الشغل مثلا بيلبس فساتين !! و إزّاى ألبس فستان و أنا لى سنوات لم أرتدى واحدا !!



و أنا أكتب هذه السطور تذكّرت أنّى كنت فى زياره لصديقه من وقت قريب و سمعتها تحاول إقناع ابنتها الصغيره بارتداء فستانها بدلا من الجينز و البنت مصرّه و تعتبر الفستان اختراع فاشل .. وقتها ابتسمت و لم أعلّق و سألت نفسى يا ترى بعد كام سنه هتغيّرى رأيك !!



افتكرت كمان حفل زفاف كنّا ذاهبين إليه من سنوات بعيده جدّا و لا أدرى لماذا أصرّت أمّى فى هذا اليوم على تجربة "تسريحه" جديده لشعرى تتضمّن عددا من الضفائر و إصرارى وقتها على رفض هذه التسريحه و إصرارها فى المقابل على إنّى مش هاروح غير كده و البكاء الذى بكيته رفضا للتسريحه الجديده و استسلامى فى النهايه للذهاب بها .. فى هذا اليوم حين رأتنى ابنة خالتى وكانت فى سنّى تقريبا "كان عمرنا تقريبا عشر سنوات وقتها" و صديقتى الصدوقه تساءلت فى اندهاش : مالها التسريحه ليه مش عاجباكى شكلها حلو عليكى !! وقتها بس هدأت و اقتنعت !! و الغريب أنّى حين أتذكّر الآن شكلى وقتها بالضفائر العديده التى كانت موضه فى وقت من الأوقات أجد أنّها فعلا كان شكلها جميل !! وربّما فكرة شد الشعر بإحكام فى ضفائر مشدوده هو الذى كان حاجزا بينى و بين التسريحه دى !!



غريب جدّا كيف يمكن لأمر بسيط مثل شراء فستان أن يجعلنا نتذكّر أشياء و نبتهج لأشياء فى وقت آخر ربّما لم تكن لتفعل هذا !!
ملحوظه : اخترت الصوره هذه المرّه لسببين :) أحدهما أنّها تبدو مبتهجه تماما و الثاتيه أن فستانها لونه أصفر شبه بتاعى

Tuesday, July 01, 2008

الصفعه



كنت أجلس لمشاهدة فيلم أجنبى لا أتذكّره
لكنّى أتذكّر جيّدا احتداد الحوار بين بطله و بطلته
كما أذكر هذا التوقّع الغريب منّى لأن ينتهى الحوار بينهما ب "صفعه" من البطل على وجه البطله ..
لكن لم ينته الحوار -طبعا- بهذه الطريقه


*******************


أشعر بضيق كبير من نفسى و أسألها : لماذا كان هذا هو تصوّرى الأوحد لطريقة إنهاء الحوار رغم اشمئزازى الشديد من فكرة التعدّى بالضرب على أحد لأى سبب من الأسباب !! و كانت الإجابه الوحيده التى تلقّيتها هى أننّا "اتربّينا" على هذه الفكره من خلال الأفلام و المسلسلات !!



تذكّرت مشاركه كتبتها فى موضوع عن السمات المميّزه للأفلام العربى وكان من ضمنها "طبيعية" أن تجد مشهدا ينتهى فيه الحوار بصفعه من رجل لامرأه مع اختلاف ردود فعل النساء فى هذه المشاهد

فالبعض ينهار و يبكى و البعض الآخر -وياللصاعقه- يفقع زغروده !! فالمعلم "حنفى" فى فيلمه الشهير "ابن حميدو" ينهى سنين من الخنوع لزوجته و يثبت أخيرا "للوليّه إنّه الراجل" بصفعه تتبعها الزوجه بزغروده و ابتسامه عريضه من الودن للودن !! نفس الموقف نجده فى فيلم ل "اسماعيل يس" حين يصفع "عبد الوارث عسر" زوجته المتسلّطه فتصبح فى غمضة عين و انتباهتها قطّه وديعه لا تعصى له أمرا !!



و إن كنت تتصوّر أن هذا "الفكر" قد انتهى بانتهاء هذا العصر فأنت واهم !! فالزغروده التى تتبع الصفعه ظهرت بصوره أخرى فى فيلم "التجربه الدانماركيه" حين صفع "عادل إمام" البطله فوقعت فى غرامه حين أحسّت برجولته من هذه الصفعه !! ليس بالنصّ الحرفى للكلمات لكن كلمة "رجوله" وردت فى نفس السياق و نفس المشهد كرد فعل للصفعه !! كما تلقّت "مى عز الدين" بطلة فيلم "عمر و سلمى" صفعه من البطل كان اعتذاره عنها هزيل جدّا "الحمد لله أنّه اعتذر أصلا !! ده "تامر" يا جماعه مش أى حد ويمكن كان يطلب من "مىّ" خطاب شكر انّه تطوّع و لطشها قلم" !! وفى إعلان فيلم "حلم العمر" الذى لم ينزل بعد لدور العرض ستجد "حماده هلال" -حتى أنت يا "حماده" طيب غيّر اسمك الأوّل- يصفع البطله دون أن نعرف طبعا المبرر الدرامى لهذا و إن كنت لا أظن أحدا يمكنه أن يبرر أى من صفعات السينما فنيّا أو دراميا !!

و فى سنوات السبعينات تلقّت "زوزو" صفعه شهيره فى فيلم "خلّى بالك من زوزو" كانت السبب فى إعادتها من طريق الانحراف إلى طريق الآداب "الكليّه و ليس المباحث" مع تأييد من أمّها ل "حسين فهمى" بقولها : ينصر دينك يا شيخ .. كار العوالم أشرف !!



ده مش بس كده ده فيه ما يسمّى أشهر صفعه فى تاريخ السينما المصريه و اللىّ مع الأسف مع الألم لم تكن من نصيب الستّات على وفرة ما تلقّوا من صفعات !! بل كانت تلك التى تلقّاها "عبد الحليم" فى فيلم الخطايا و رأيى المتواضع أن أهميّتها تنبع من كون المتلقّى هو "عبد الحليم" و ليس لأى شئ خاص بها يجعلها الأشهر !!



الحقيقه أن البحث عن صفعات السينما المصريه يمكن أن يكون طريفا و مثيرا و محزنا و مخجلا فى ذات الوقت !! لدرجة أنّى حين كنت أجرى بحثا عشوائيا على "جوجل" باستخدام كلمتىّ "فيلم" + "صفعه" فوجئت أن الصفعات بالفعل ليست موضه و انقرضت مع انقراض الرقصه و العركه التى اشتهرت بها الأفلام المصريه قديما !! بل أن الموضوع يتّجه لطريق مظلم فيما يبدو ولا أفهم لماذا تقبل الممثلات فى هذه الأفلام أن تصفع لأى سبب من الأسباب !! فعلى حد قول أحد المواقع أصيبت "رزان مغربى" بارتجاج فى المخ نتيجه لصفعه تلقّتها فى مسلسل تقوم بتصويره !! و "هند صبرى" أصيبت بتورّم فى وجهها نتيجة صفعه تلقّتها من "باسم سمره" خلال تصوير فيلم "جنينة الأسماك" !!
فالصفعات إذن مستمرّه ولا أدرى حقّا هل يمكن حتى الآن قبول إنهاء حوار أو خلاف حاد بين رجل و امرأه على الشاشه بصفعه !! على رأى "غاده السمّان" التى وجدت لها مقالا شيّقا حول الموضوع خلال البحث حين تقول


"بالصفعه أو القبله تنتهى الخلافات فى الفيلم العربى"



و بكل صراحه قد أجد إنهاء الصراع بقبله "مبلوعا" شويه عن إنهائه بصفعه !! الصفعه تحمل لى مشاعر سلبيه عديده من ضمنها هذا التصوّر البديهى الذى تحدّثت عنه فى بداية الكلام و الذى شعرت معه بقدر من الاشمئزاز الذاتى .. الصفعه تحمل لى شعورا بالتجمّد أمام طريقه متخلّفه و غير حقيقيه لإنهاء الخلاف وهى فى الحقيقه لا تنهيه و إنّما تؤجّله لوقت آخر و لصراع أشد .. الصفعه تحمل لى رساله ضمنيه أنّ من يقدّمون أعمالهم الفنيّه مدّعين أنّهم يدافعون عن المرأه و يحترمون حرّيتها و مكانتها فى الحقيقه لا يرون فيها سوى وعاء لتلقّى الصفعات و القبلات و فيلم "خالد يوسف" الأخير و غيره -كأمثله محدوده- يؤكّد للأسف الشديد هذا المعنى