Monday, February 18, 2008

ممّا جرى فى بر مصر

هذا كتاب سعدت بقراءته .. ليس لأنّ كل فصوله ممتعه بنفس القدر إذ أنّى قرّرت المرور على بعض هذه المواضيع دون قراءه أو ندم كتلك المعنونه "المرأه التى أرضعت الزعيم الخالد" أو "كاتم أسرار عبد الناصر" .. لكن لأنّه يحدّثك فى بعض فصوله عن أشياء قد تود القيام بها حين تتوفّر الفرصه كما فى فصله المعنون "الصليب الأسود يهرب من الدير" التى تتحدّث عن راهب حبشى أتى سيرا على قدميه من بلاده إلى مصر للاعتكاف فى دير "البراموس" بوادى النطرون بعد حياه لاهيه حافله بالبعد عن مجرّد التفكير فى الله ثم خلافه مع رهبان الدير حول طريقة الرهبنه و خروجه ليحيا فى أحد الكهوف بالمنطقه المجاوره للدير .. ربّما تشعر بعد قراءة هذا الفصل بالرغبه فى ممارسة الرهبنه بعض الوقت لتستعيد شيئا ما تفتقده فى طريقة حياتك العاديه ..

وقد يكون ممتعا لأنّه يحدّثك عن شخصيات تراها جديره بمزيد من القراءه عنها مثل "فاطمه اليوسف" و حياتها الحافله أو ابنها "إحسان عبد القدّوس" و شخصيته التى تبدو شديدة الرقّه و التهذيب من خلال ما كتب عنه .. كنت قد قرأت من فتره مقوله تشير إلى أن رواية "إحسان" الشهيره "أنا حرّه" تعبّر عن حياته الشخصيه لكن من خلال شخصيه نسائيه و بعد قراءة هذا الكتاب و رؤية بعض اللقطات من حياة والدته أستطيع أن أكذّب هذه المقوله -التى نسبت ل "نجيب محفوظ"- بنسبة 90 بالمئه على الأقل ..

قد تشعر كذلك حين تقرأ الفصل المعنون "الأسوانى على حافّة الإعدام" الذى يتناول بعض من حياة الكاتب و المحامى "عبّاس الأسوانى" -والد الأديب "علاء الأسوانى"- أنّك بحاجه لتأمّل اللفظ العربى لكلمة "محامى" و تقارنه باللفظ الأجنبى "لوير : رجل قانون" إذ ستراه من خلال شخصية هذا الرجل متحقّقا و مفهوما بصورته الصحيحه إذ أنّه اتّخذ هذه المهنه وسيله للدفاع عمّن يقتنع بعدالة قضيّتهم و ليس مجرّد سبّوبه لكسب المال ..

وربّما لا يعجبك الكتاب لكل ما سبق ذكره و يعجبك لحديثه عن شخصيات مغموره تماما من أصدقاء الكاتب و هوايات بعضهم الغريبه مثل هواية أحدهم تربية القطط و الاعتناء بها لحد القدره على الوصول لدرجة تفاهم غير مسبوقه معها فى فصله "القططيون العرب" .. و ربّما تحاول تخمين شخصية "ماجد" الذى تحدّث عنه فى فصل "إضراب البغبغان" .. "ماجد" طفل تربّى فى الملجأ ثم خرج للعمل فى وزارة الأوقاف و صارت هوايته زيارة حديقة الحيوان و تقليد حيواناتها بمهاره فائقه .. ثمّ تصادق "ماجد" مع البغبغان وصار يشترى له زجاجة "كوكاكولا" مع كل زياره حتى مرض "ماجد" فجأه و انقطع عن زيارة الحديقه و أضرب الطائر عن الموت حتى ظهر "ماجد" مرّه أخرى و "أقنعه" بالعوده لتناول الطعام و الإقبال على الحياه و انتهت به الحياه فى العمل فى مجال إعلام الطفل و تزوّج و أنجب أطفال سعداء

ربّما يكون الجميل جدّا فى الحديث عن هذه الشخصيات الغير معروفه هو هذا القدر من الحراره الإنسانيه التى اتّسمت بها ..
بالنسبة لى ليس من الضرورى أن تكون كل فصول الكتاب بنفس المستوى من الجمال و الإمتاع .. يكفى أن يكون بعضها كذلك .. و يكفى أن يفتح بعضها لى آفاق جديده للقراءه عنها كما فى الحديث عن شخصيات عامّه مثل "فاطمه اليوسف" أو ممارسات إنسانيه كالرهبنه و الاعتكاف .. يمكن أعجبنى الكتاب لهذه الأسباب لأنّه ذكّرنى نوعا ما بمدوّنتى .. لا أراها متقنه بدرجه كبيره لكن يسعدنى أن تكون على الأقل طريقا للوصول لمدوّنات أكثر إتقانا و استحقاقا للمتابعه و التشجيع :)
الكتاب : ممّا جرى فى بر مصر
المؤلّف : يوسف الشريف
الناشر : دار الشروق

4 comments:

قلم جاف said...

لا يوجد اثنان يتفقان على فيلم ، ولا على شخص..

أشعر أن تلك التناولات مشبعة بانطباعات كتابها عن هؤلاء الأشخاص ولا يمكن أن ترسم صورة طبيعية عقلانية عنهم بحكم أننا في مجتمع عاطفي وفي وسط ثقافي تسيطر عليه الفانلات.. خصوصاً اليسار والناصري..

لا الواقع ولا الأشخاص بمثل هذه الرومانسيكية.. ولم أسمع مطلقاً أن كوكب الأرض تسكنه ملائكة!

زمان الوصل said...

عزيزى شريف

كلامك عن الاتفاق على فيلم أو شخص صحيح لكن فى النهايه قد يكون هناك تثق فى ذوقهم و قدرتهم على الاختيار فتحب الائتناس بآرائهم مع تحمّل مسئولية الاختيار بالكامل :)

عموما أظن حديث الكتّاب عن الشخصيات المغموره يحمل قدرا أكبر من الصدق عن حديثهم عن شخصيات عامّه معروفه بسبب اعتبارات الشهره و المجد و الجماهير إلى آخر هذا الهجص :)

Anonymous said...

أختلف معك جداً :)
كرهت هذا الكتاب، وشعرت أن الكاتب يعيد نشر بضاعته البائرة من ريبورتاجات نشرها قديما. مواضيع غير مترابطة، لغة سمجة هي لغة الصحف والمجلات قديم بإثارتها الصحفية المفتعلة. من الكتب القليلة التي شعرت أنها وعدتني بعنوان عريض جداً، ونجحت في خداعي عن محتواها.

زمان الوصل said...

=========
عزيزى محمد
=========

لا أجادل فى فكرة أن العنوان يعد بأكثر كثيرا ممّا يمنح !! قرأت الكتاب بناء على توصية صديق أثق فى اختياراته فى الكتب ثمّ شعرت بأن الكتاب -فى المجمل- لا يستحق هذا الإعجاب لهذا قصدت أن أتحدّث عن فصول بعينها لأنّها ومعها بعض فصول أخرى أهم ما خرجت به من الكتاب .. إضافة لما ذكرته من نقاط أخرى -غير محتوى الكتاب- جعلتنى أشعر أنّى لم أضيّع وقتى فيه على الفاضى ..

زى مثلا أمّا تروح رحله و الأماكن لا تعجبك لكن الصحبه تجعل الأمر يستحق
العناء ..