العيد عيدنا
اليوم هو أول أيام عيد الأضحى. كان يوم عرفه بالأمس إذن .. وصلنا عرفات قرب الفجر و ثارت كثيرات من حالة "العنبر" الذى كان مقرّرا لإقامة النساء. حاله من البرود تنتابنى ولا أريد أن أصرّح أنّى أجد المكان جيّدا ولا بأس به ؛ فهو مفروش بالسجّاد و به ثلاّجه للعصائر و الماء -كانت خاليه وقت وصولنا لكن الحال تغيّر- و سخّان للشاى و النسكافيه و عدد مناسب من الوسائد للنوم.
كان مدهشا ذلك الحديث المستفيض و الحوارات الجاده و حلقات النقاش التى تساءلت حول كيفية نومنا بهذا المكان رغم أنّنا لن نبيت به أصلا بل سنبقى حتى صلاة المغرب !! اندهشت كذلك من الحديث الذى أثار نقطة "إحنا دافعين فلوس" فهو يمكن أن يكون مقبولا فى رحله سياحيه وليس فى رحلة حج. مثلما يحدث فى أوقات الأزمات حين تثور شائعه عن نقص فى سلعة ما فيتنافس الجميع فى اقتنائها كان الحال مع كل ما يظهر من مواد غذائيه تأتى للعنبر :) لا أدرى لماذا قرّرت خوض غمار المعركه و قررت القيام بتقسيم ما يصلنا من مواد غذائيه بالعدل و التساوى على الجميع و أدهشنى أن استسلموا للفكره مرحّبين !!
بدأ الأمر بتوزيع باكتات الشاى و تطوّر ليشمل العصائر و زجاجات الماء و الفاكهه .. استغرق الأمر وقتا كنت خلاله أسأل نفسى : هل هذا هو ما يفترض أن يفعله الحاج فى يوم عرفه !! لكن سرور زميلات العنبر كان يمنحنى بعض الشعور بالراحه أن هذا أمر قد يحسب لى. كان طريفا أن يعترض البعض على فكرة التوزيع فى حد ذاتها رغبة فى ترك الامر لكياسة الحضور و حسن تقديرهم !! ولأنّه لم يكن هناك فى هذا الوقت أى دليل على إمكانية حدوث هذا فقد واصلنا التوزيع بعد انضمام متطوّعات جدد لعملية التوزيع.
كان لحصول كل فرد بالغرفه على نصيب عادل من كل شئ تأثير مدهش فى وصولهم لحاله من الاسترخاء و الهدوء بل و الرضا!! بل بدأت حاله من الإيثار و المشاركه تظهر فى المكان حتى وصلنا لحالة الوفره و تحقيق الفائض الغذائى فاقترحت عليهم ترك كل ما يستجد من أغذيه أو مشروبات فى الكراتين !! سألت نفسى وقتها يا ترى وقت الأزمات الاقتصاديه الحقيقيه هل يمكن تحجيم الخسائر بتحسين الحاله النفسيه للناس و توصيلهم لنقطه من الاطمئنان تجنّبهم فكرة التكالب و التصارع !!
كان طريفا أن يبدأ البعض البحث عن كروت لشحن الموبيل أو فيشه لتثبيت الشاحن برغم التوصيات المستفيضه فى اليوم السابق بتأجيل التواصل مع الأهل حتى نهاية اليوم !! حصلت على قدر من الشعبيه فى هذا اليوم -استفدت منه لاحقا مع تراجع حالتى الصحيه!!- و أصبح اسمى معروفا لكثيرات لم تتح لى الفرصه لمعرفة اسمائهن بالمثل .. بدأت أشعر بألم شديد فى قدمى اليسرى .. سيدات كثيرات من كبار السن بالمكان يثرن فى عقلى نفس التساؤل حول قيامهن بهذه الفريضه التى تشق على الشباب.
كان يوم عرفه شديد التميّز حقّا .. يوم اختلط فيه العمل الجماعى بالتعاون و الإيثار و التعارف و خدمة المجتمع !! مش كلام كبير لكنّى فعلا شعرت أن اليوم كان ثريّا و إن حمل مفهوم العباده فيه شكل و طعم مختلف. أسعدنى كذلك قدرتى على الانفصال فى الوقت المناسب عن الأحاديث الجانبيه التى بدأت بعد شرب الشاى و الركون إلى الراحه !! لابد أن هذا أثر التحذيرات المكثّفه التى تلقّيتها من أصدقائى الأعزّاء فجازاهم الله عنّى كل خير إن كنت قد وفّقت. شعرت يوم عرفات أن العيد الحقيقى إنّما يكون من نصيب الحجّاج وليس أى شخص آخر لا يقضى هذه المناسك البديعه.
مع حلول وقت الغداء حصلت على لقب وزير الماليه مع المطالبه بقيامى بتوزيع وجبة الغداء؛ كانت حالة قدمى اليسرى تسوء و لم أرغب فى المشاركه فى توزيع الطعام تجنّبا لإثارة مشاعر الضيق لدى البعض و هكذا حصلت على وجبتى و جلست لتناولها فى صمت. تأكّد إحساسى برغبة البعض فى افتعال مشاكل من لا شئ مع الشكوى التى أثيرت من رداءة السلطه المقدّمه مع الغداء .. لم يكن هناك متّسع من الوقت لكل هذه الحوارات لكن البعض أصرّ على تحويل الأمر لمشكله كبيره و حفز الثوّار على المطالبه بحقّهم فى سلطه لائقه !! كان الدافع الأساسى للتذمّر -فى رأيى الشخصى- هو مقارنة ما تقدّمه شركتنا مع ما تقدّمه شركات أخرى لحجّاجها رغم وجود فارق معتبر بين ما دفعناه و ما دفعوه مقابل الرحله !! تناولت الغداء بتلذّذ غريب و أنا أستمع بابتسام لتعليقات الثوّار عن هؤلاء الذين أعجبتهم الوجبه و أفسدوا -من ثمّ- شرعية ثورتهم و أجهضوا مطالبهم !! عادت الأفكار حول علاقة الفرد بالمجموعه لتطلّ برأسها من جديد : إذ هل يفترض أن يشترك الفرد فى ثوره لا يقتنع بوجاهة أسبابها لمجرّد أن الأغلبيه رأت ذلك !! مع ملاحظة أن ثوّارنا لم يكنّ أغلبيه لكن كان الموقف طريفا جدّا حين بدأت بعض السيدات فى التوقّف عن تناول الغداء -بعد الشروع فعلا فى تناوله- و الإشاره لرداءة الوجبه !!
حاااااااااااااسب
فى نشرات الأخبار يشيرون إليها بوصفها "نفرة الحجيج" .. وهو وصف لا يوضّح بأى حال من الأحوال صعوبة عبور مسافه تقدّر ب 800
متر فقط بين مخيّمات الحجّاج فى عرفات و أماكن انتظار الأتوبيسات التى ستقلّهم إلى "منى". الشارع عرضه 15 متر أو أقل يسير به ملايين فى نفس الوقت و فى نفس الاتّجاه. الموقف كان صعب فعلا بسبب الزحام و بسبب ألم قدمى الغير واضح السبب مع حمل حقيبة الملابس !! كانت هذه ال 800 متر هى أصعب مرحله فى الرحله حتى الآن وربّما ما زاد
الموقف صعوبة تخيّلى أن الصعوبات الحقيقيه تبدأ فى "منى" مع رمى الجمرات و ليس من "مزدلفه" !!
الموقف صعوبة تخيّلى أن الصعوبات الحقيقيه تبدأ فى "منى" مع رمى الجمرات و ليس من "مزدلفه" !!
كان طبيعيا جدا أن يتوه البعض و يفقدوا طريقهم للأتوبيس الذى سيقلّنا إلى "مزدلفه" .. التوهان فى هذه المنطقه أمر مريع حقّا و وصولك للمجموعه التى تنتمى إليها يعد من قبيل المعجزات التى يجب أن تشكر الله عليها. و بسبب توهان رجل و بعض أفراد أسرته وبعد أن وصل للمجموعه و طالت يده المرشد المرافق لنا حتى حدث بينهما عراك بالأيدى !! بعد كل هذا التعب عراك بالأيدى مع غروب شمس يوم عرفه !! كان الأكثر إثاره للدهشه هو هذه البساطه التى عبّر بها الرجل عن قدرته على الحج مرّه أخرى بمفرده وكأنّه يهوّن على نفسه فداحة الأمر !! كده بكل بساطه !!
وصلنا إلى "مزدلفه" أخيرا لصلاة المغرب و العشاء و جمع جمرات يوم النحر. وقفت أحجل فى الشارع لجمع الجمرات بجوار الأتوبيس .. لا أدرى لم كان الموضوع يبدو مسلّيا -وإن كنت لا أنظر إليه باستخفاف- لكن ربّما كان سبب شعورى هذا هو سعادتى بانتهاء يوم عرفه على خير و الحمد لله رغم بعض المشاعر السلبيه التى شعرت بها خلال سيرنا ال 800 متر السابقه.
وصلنا "منى" .. تذكّرت و أنا أشاهد صفوف الخيام المتلاصقه ما كنّا نسمعه من قبل عن حوادث الحريق التى شبّت بها فى بعض السنين .. علمت الآن أن وقوع هذه الحوادث و فداحة خسائرها منطقى للغايه. كان لنا نصيب من التوهان قبل أن نصل لعنبر الحريم الخاص بنا. مع وصولنا لهذا المكان كنت تقريبا أبكى من الألم الشديد بقدمى اليسرى الذى جرى تشخيص سببه بزياده فى الأملاح تسبّب آلام شنيعه فى القدم و تقريبا لا أستطيع أن ألمس بها الأرض. الطريف أنّى لم أشك من هذا الأمر من قبل على الإطلاق !! و ما يقلقنى الآن هو كيف سأذهب لرمى الجمرات التى قيل أن موقعها يبعد عنّا بنحو 6 كم !! كيف أسير ببطء شديد و الموقف غالبا لا يحتمل أى تباطؤ !! كان العراك بين الزميلات و مشرفى الرحله على أشدّه بسبب ضيق المكان و ربّما يكون ممّا ضاعف أسباب الضيق المقارنه المعتاده مع الشركات الأخرى. كانت الساعه قد تجاوزت الثالثه صباحا حين قمت بفرد السرير الخاص بى و كوّمت كل متعلّقاتى على أحد أطرافه و انكمشت فى المساحه المتبقيّه و نمت بعمق شديد بينما العراك دائر على أشدّه.
يوم النحر
استيقظت فى الخامسه و النصف صباحا و العراك لازال دائرا !! استمتعت كثيرا بالنوم العميق الذى حظيت به. قبل أن أنام كانت بعض الزميلات يقمن بالاستعداد للذهاب لرمى الجمرات ولم أعرف هل يمكن الذهاب للرمى قبل صلاة الفجر على اعتبار أنّها تمثّل بداية اليوم !! عموما احتفظت برأيى لنفسى وإن كنت شعرت بضيق بل و بغيظ شديد ففرصتى فى الذهاب مهدّده بسبب ألم قدمى. خرجت من العنبر للوضوء لصلاة الفجر فكان أوّل ما شاهدته رجلا يحنى رأسه ليقوم آخر بحلقها له على طريقة جى آى جين على أنّى هذه المرّه لم أتذكّرها لكنّى وجدت صورة الخروف خلال جز صوفه تقفز إلى ذهنى !! أفكار غريبه جدا .. الأمور تسير بشكل جيد عموما و حيث أن هذا
هو أوّل أيّام العيد أتّصل بأمّى فى السابعه و النصف ثم أتذكّر فرق التوقيت الذى يجعل الساعه فى مصر لاتزال السادسه و النصف. أتخيّل العيد فى مصر و أسأل نفسى لماذا لا يصلّى الحجّاج صلاة العيد !! أتناول الإفطار بحماس -كالمعتاد- ثم ألتقى بخالى الذى يقترح أن نذهب لرمى الجمرات. أحاول إقناعه بالانتظار لبعد صلاة العصر لكنّه يصرّ. قرّرت الذهاب معه و ليكن ما يكون. بدأنا السير مع جموع السائرين .. كان زملائى قد نصحونى خلال معسكر الإعداد بالذهاب عبر الكوبرى بدلا من النفق على اعتبار أن الأوّل أكثر أمنا لكن لسبب ما وجدنا الطريق الوحيد المتاح يذهب بنا إلى النفق. كنت أشعر بتوتر شديد رغم أن الزحام لم يكن شديدا. مررنا بلافته مكتوب عليها
"الجمره الصغرى" لكنّى لم أجد شيئا يشير لها و توقّعت أن تكون اللافته مجرّد إشاره للطريق إليها !! و تكرّر الأمر مع الجمره الوسطى. التفت فجأه للبحث عن خالى الذى تأخّر بضع خطوات خلفى فراعنى منظر القادمين من الخلف حتى أنّى لم أكرر الالتفات مرّه أخرى. وصلنا للافتة الجمره الكبرى فى وقت أسرع كثيرا ممّا توقّعته و لم أر أى شئ بعد !! أين هى إذن !!على بعد أمتار بدأت الرؤيا تتّضح مع مشهد أذرع عديده ترتفع و تتحرّك بسرعه شديده حتى أن الصوت يجعلك تخشى الاقتراب!! ربّما يكون سبب عدم تعرّفى على شكل أو موقع رمى الجمرات أنّى كلّما شاهدته فى التليفزيون يبدو أنّى كنت أشاهده من فوق الكوبرى وليس من داخل النفق !! حتى الآن أظن أن أكثر مواقف الحج تأثيرا فى النفس هو موقف رمى الجمرات هذا .. و أشعر بسعاده شديده جدّا أنّى ذهبت .. كان صوت الحصى الذى ينهال على الحائط أمامنا يشبه صوت طلقات الرصاص أو ربّما قطرات مطر ثقيله لا يفصل بينها فاصل .. الصيحات متعاليه و الحماس شديد فى الضرب .. بدأنا نتقدّم ببطء .. كلّما اقتربنا كلّما شعرت أننا لازلنا بعيدين عن مرمى الهدف فنقترب أكثر و إن كنت وقتها خفت جدّا بسبب تزايد الزحام. وصلنا لنقطه رفض خالى بعدها أن نقترب أى خطوه و أصرّ أن نلقى من هذا المكان. اضطررت للقفز مع كل رميه فى محاوله لتوصيل الجمرات لمكان صحيح .. أعترف أن الأمر وقتها بدا مسليّا للغايه و إن كنت أشعر أن الأمر بالنسبه لمن حولى لم يحمل نفس الشعور بل كان يحمل قدر أكبر من التحفّز و الشدّه .. أنهينا الرمى و خرجنا من مجال الجمره الكبرى .. وجدتنى بعد خروجنا أبكى بانفعال لا أدرى سببه .. هنا و ليس فى يوم عرفه تمثّلت يوم القيامه .. شاهدت أحدهم يصوّر الموقف و أيّدته فى نفسى أنّه الأكثر استحقاقا للتصوير و إن كنت لا أظنّنى سأجد فى نفسى ذات يوم الشجاعه للوقف بهذا الثبات لتصويره !!
فى طريق العوده كنت أشعر بسعاده شديده؛ هذه شعيره هامّه من شعائر الحج و كنت أكره أن تفوتنى. لولا الجبن لفكّرت فى الذهاب فى اليوم التالى فى وقت الزوال لحضور رمى الجمرات فى وقت أقرب ما يكون للسنّه .. فكّرت فى تقافزى خلال رمى الجمرات و عزوت النشوه التى شعرت بها خلال القفز إلى أنّها مجرّد ترجمه أو رد فعل للخوف الذى شعرت به قبل الرمى بلحظات .. الخوف من مشهد الواقفين لرمى الجمرات قبل اندماجى بهم ..
**********************
أصبح شيئا مألوفا أن تتطوّع زميلات السكن على اختلاف أعمارهن لخدمة الأخريات بودّ و حب حقيقيين. تلقّيت أدويه كثيره فى محاوله لمعاونتى على الشفاء غير دعوات مخلصه عديده تتمنّى لى الشفاء بعد أن صرت بالفعل غير قادره على المشى سوى مرّات محدوده خلال اليوم للصلاه. بدأت أعتبر تجربة الحج بشكل عام تجربه تتيح للإنسان الاحتكاك الصحّى بالمحيطين به و تدريب نفسه على ترقية طريقة تعامله معهم و ليس مجرّد أداء مناسك؛ أو ربّما أنا التى أريد أن أنظر للتجربه بشكل مختلف. استفدت كذلك من قدرتى على الانفصال عن المحيط حين كانت النقاشات تدور حول أمور خلافيه فى المناسك. كنت أتساءل بينى و بين نفسى لماذا يصرّ البعض إن وجد غيره وثد أدّى المناسك بصوره مغايره على تخطئته و الإصرار على أن ما فعله هو كان عين الصواب !! هل يمنح هذا الموقف شعورا ما بالأمان؟ اليوم أدّيت صلاة الظهر و العصر جمع و تقصير وهو ما ثبت لى خطؤه مع نهاية اليوم .. مفيش مشاكل. كنت أستغرب كذلك حين يسأل البعض أحد الشيوخ عن أمر ما و حين يفتى الشيخ بما لا يتّفق مع معلوماته يصرّ على موقفه فلم كان السؤال من البدايه !!
فى أحيان كثيره أشعر أن الله يقف معى و يسهّل لى كثيرا من الأمور التى كنت أستصعبها .. و أقول لنفسى أحيانا ربّما يكون هذا مرتبطا بفكرة إرادة السعاده و الاستمتاع؛ أى حين يصحّ عزمك على الاستمتاع بالوقت مهما كانت المنغّصات فسوف تحصل على ما تريد. تكرّر اليوم على مسامعى الحديث حول الاستكانه التى يبديها البعض حول ما تقدّمه شركة السياحه من خدمات و عدم الاعتراض عليه مع تباهى البعض بأنّه المعترض الأوحد !! ربّما لو كنّا فى رحلة أخرى لكنت من المعارضين إذ أنّها تبدو سنّة حياتى لكنّى هنا أشعر بحاله من الاستسلام اللطيف وصفها المطرب الشعبى "عادل الفار" بقوله "سيب نفسك خالص" ولا أرى أى بأس فى هذا !! أعود دائما للتساؤل حول علاقة الفرد بالجماعه حين أرى زميله وقد فصلت الفيشه الخاصه بالثلاّجه أو غلاّية الشاى التى يستفيد منها الجميع كى تشحن الموبيل الخاص بها !! موقف أراه بحاجه لقدر محترم من البجاحه النفسيه أو هو خلل شديد فى فكرة مصلحة الفرد و مصلحة الجماعه !! بالأمس فى "عرفات" بعد وجبة الإفطار تراكمت العلب الفارغه أمام كل سيده بعد الفراغ من تناول الطعام و يبدو أن البعض تصوّر أن معجزه سماويه ستجعل هذه العلب تسير من تلقاء نفسها إلى خارج الغرفه إكراما لكوننا حجّاج !! وبرغم توافر كراتين كبيره خاويه بعدد كبير بعد إفراغها من محتوياتها لم يفكر أحد فى استغلالها لتجميع القمامه و تراكمت الفوارغ فى كل مكان لتؤكّد عدم دقّة الزعم بضيق المكان الذى اتّسع لنا و
لقمامتنا بهذا الشكل اللطيف !! بعد امتلاء الكرتونه الأولى بالقمامه بدا واضحا أن الفكره لم يتم استيعابها بشكل جيّد إذ بدلا من تكرار استخدام كرتونه جديده ظلّت القمامه تتراكم حول الكرتونه الأولى التى امتلأت عن آخرها و صارت تشبه كثيرا صناديق القمامه بشوارع مصر التى تبظّ منها الزباله بظّا !! وبعد أن كنت أقول لتذهب القمامه للجحيم صرت أقول فلتظل القمامه فى مكانها و ليخسأ الخاسئون.
أوقات عريضه
الساعة الآن العاشره إلاّ الربع مساء. شعرت فجأه بالرغبه فى النوم و قرّرت الاستجابه لها. يبدو عدد الساعات التى أحتاجها للنوم هنا أقل كثيرا ممّا أحتاجه فى مصر !! تبدو طريقة العيش التى أهّل الله أجسادنا لها و ربطها بمواقيت الصلاه هى الأفضل بصوره مدهشه فى ظل ندرة الالتزام بها. فالاستيقاظ فجرا يبدو سهلا و طبيعيا و البقاء بقدر عال من الانتباه حتى وقت العصر يبدو ممكنا للغايه و الاكتفاء بساعات نوم أقل عادى و الأوقات عريضه أى تتّسع بوفره للعديد من الأنشطه !! أتساءل فى ضيق كيف يمكننى التمسّك بهذا النظام بعد العوده لمصر !! يبدو المناخ بالكامل غير مشجّع و إن كنت أعد نفسى بمحاولة الاستمرار. أروح أنام بقى.
ملاحظه إضافيه قبل النوم:
يتعجّل كثيرون الذهاب لأداء طواف الإفاضه اليوم رغم اتّساع الوقت بعد انتهاء أيّام التشريق خاصة و نحن غير متعجّلين !! يبدو الأمر غريبا بالنسبة لى إذ أن الطواف لا يضيف للمتحلّل من الإحرام أى حق سوى الحق فى المعاشره الزوجيه التى لا أظنّها محل نقاش فى الظروف التى نحياها !! البعض يعزو هذا للهدوء و الفضاء النسبى الذى تتمتع به الكعبه فى هذه الايام لكنّى أحيانا أشعر أن الأمر متعلّق بالرغبه فى التحرر من أى قيود يفرضها الحج على الحجيج كالابتعاد عن الجدل .. خلال الرحله سمعت تعليقات حول كوننا محرمين ومن ثمّ غير قادرين على ردّ الصاع صاعين لمن نتجادل معهم !! وكأن الفكره هى فى الالتزام بسلوك ما خلال الحج ثمّ التحرّر منه قبل حتى
العوده للوطن و بمجرّد التحلّل الأكبر من الإحرام !! تصبحوا على خير.
No comments:
Post a Comment